كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

وهو ما حكاه ابن الصباغ؛ إذ في العود تكثير المخالفة؛ ولأجل هذه العلة قال المراوزة: إذا سبق إمامه بركن عامداً؛ بأن ركع قبله، [أو رفع من الركوع]، أو سجد، لا يعود إلى متابعته، وهل تبطل صلاته بذلك؟
قال الشيخ أبو محمد: نعم تبطل، وإن لحقه الإمام فيما سبقه إليه؛ لأنه مناقض لصورة الاقتداء؛ ولهذا قلنا: إن التقدم على الإمام في الموقف بجزء قليل يبطل صلاته، وخالف هذا التخلف عن الإمام بمثل ذلك؛ فإنه لا يبطل صلاته؛ لأن رتبة المأموم التخلف، وهذا قد حكاه القاضي أبو الطيب في صفة الصلاة، ونسبه إلى أبي علي صاحب "الإفصاح".
والمذهب: عدم البطلان في التقدم؛ لأن هذه المخالفة يسيرة، وعلى هذا لو عاد إلى متابعته بطلت صلاته؛ إذا لم يكن حين ركع قبل الإمام، أو رفع، أو سجد- نوى المفارقة. نعم لو كان قد سمع صوتاً ظن به أن الإمام ركع، أو رفع، أو سجد؛ ففعل هو ذلك، ثم بان له أن الإمام لم يفعله بعد؛ فهل لا يجوز له العود؛ كما في الصورة قبلها، أو يجوز ولا يجب، أو يجب؟ فيه ثلاثة أوجه من مجموع كلامهم:
أصحها في "التهذيب" ها هنا: أوسطها، وهو ما ادعى في "الكافي" أنه المذهب، ولم يورد الفوراني غيره في باب سجود السهو.
والمذكور في "التتمة" و"تعليق" القاضي الحسين: الآخر، وإذا قلنا به، قال القاضي: فلو لم يعد لم تبطل صلاته في ظاهر المذهب.
وفيه وجه آخر: أنها تبطل أخذاً من قول الشافعي: لو رفع رأسه من السجود؛ لينتقل؛ فعليه أن يعود؛ فلو لم يعد؛ بطلت صلاته.
والقائلون بالأول أجابوا عن ذلك بأن المأموم في هذه الصورة لم يرفع رأسه لأجل قطع السجدة، وإنما رفع لحاجة، وها هنا رفع بنية قطع الركوع والسجود.
قلت: وهذا الخلاف يمكن تخريجه على أن الركوع، أو [الرفع، أو السجود] الذي سبق به الإمام هل يعتد [له] به، أو لا؛ لأنه أتى به على وجه السهو؟

الصفحة 600