كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

والفعلية-: أنه إذا سبق إمامه بالسلام: أنه يعود إلى متابعته، ويسلم [معه]، وليس كذلك، بل إن تعمد السلام، كان حكمه حكم من فارق الإمام، ويجيء فيه التفرقة بين أن يكون بعذر، أو بغير عذر، وإن ظن أن الإمام سلم؛ فسلم، يظهر أن يبنى على ما إذا ظن أن الإمام ركع؛ فركع، ثم تبين [له] أنه لم يركع، هل يعتد بركوعه، أم لا؟ فإن قلنا: يعتد به، فكذا هنا، ولا يعود إلى متابعته، وإلا فيعود، ويسلم معه.
الثالث: أنه لا يكره المساوقة في الأركان، وقد يؤخذ ذلك من قول الإمام: "إنه لو ساوقه فيها، جاز، لكن الأولى التأخير عنه"، لكن في "التهذيب" وغيره- كما قال الرافعي-: أنها تكره؛ لقوله عليه السلام: "فإذا كبر، فكبروا" فإنه يقتضي أني جري على أثر الإمام؛ بحيث يكون ابتداؤه بكل واحد من الأركان متأخراً عن ابتداء الإمام، ومتقدماً على فراغه؛ فإذا فعل ذلك معه، فقد وجدت المخالفة؛ فلا تحصل له فضيلة الجماعة. قال: ومن أطلق الجواز، فمراده: أنها لا تفسد الصلاة.
وعلى هذا يكون مفهوم كلام الشيخ غير معمول به، ولا يقال: إنا نحمل الكراهة في كلامه على التحريم؛ كما ذكرتم أن صاحب "التهذيب" وغيره صرح به، وكراهة المساوقة كراهة تنزيه؛ لأن قوله بعد ذلك: "ولا يجوز أن يسبق الإمام بركنين"، يأباه، ولو كان المراد بالكراهة: التحريم، لسوى بينهما.
وهذا كله في الأركان الفعلية والقولية، ما عدا تكبيرة الإحرام والسلام:
أما تكبيرة الإحرام، فلا تجوز المساوقة فيها؛ بلا خلاف، ولو وجدت لم تنعقد صلاته؛ لأنه علقها بصلاة من لم تنعقد له صلاة بعد؛ فلم تصح، ومن طريق الأولى إذا تقدم تكبير المأموم على تكبير الإمام.
وقد حكى في "الذخائر" عن القاضي أبي الطيب أنه قال في هذه الصورة: يحتمل عندي وجهاً آخر: أنه يصبر إلى أن يكبر الإمام، ويدخل معه من غير قطع؛ بناءً على نقل الصلاة من الانفراد إلى الجماعة.
قلت: والقاضي في "تعليقه" لم يقل هذا احتمالاً، بل حكاه عن بعض

الصفحة 603