كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

بما نحن فيه، وهو أن القضاء: هل يصح بنية الأداء، والأداء هل يصح بنية القضاء؟ فيه وجهان حكاهما المتولي تبعاً للقاضي الحسين:
أحدهما: لا؛ لما بينهما من التغاير.
وأصحهما: عند الأكثرين- كما قال الرافعي-: الجواز؛ لأن الأداء يعبر به عن القضاء- كما ذكرنا- والقضاء يعبر به عن الأداء، قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] أي: أديتموها.
قال المتولي: وهذا ظاهر نصوص الشافعي، وذكر ما حكيناه من الاستشهاد لقول القاضي أبي الطيب من قبل.
قال الرافعي: ولك أن تقول: الخلاف في أن نية الأداء [هل تشترط في الأداء؟] [ونية القضاء] هل تشترط في القضاء-منقدح، والخلاف في أن الأداء يصح بنية القضاء، وبالعكس، إن عنيت به ما إذا تعرض في الأداء لحقيقته، ولكنه جرى في قلبه أو على لسانه لفظ القضاء، وفي القضاء تعرض لحقيقته، ولكنه جرى في قلبه أو على لسانه لفظ الأداء-فينبغي أن يقطع بالصحة؛ لأن الاعتبار في النية بما في الضمير ولا عبرة بالعبارات. وإن عنيت به ما إذا تعرض في الأداء لحقيقة القضاء، وفي القضاء لحقيقة الأداء- فلا ينبغي أن يقع نزاع في المنع؛ لأن قصد الأداء مع العلم بخروج الوقت، والقضاء مع العلم ببقاء الوقت هزو وعبث؛ فوجب ألا ينعقد به [الصلاة]؛ كما لو نوى الظهر ثلاث ركعات أو خمساً. وإن عنيت به أمراً آخر فبينه.
قلت: وهذا السؤال متجه، ولا يقال: إن ذكره إنما يتم إذا كان صورة محل الخلاف فيمن تعمد ذلك مع العلم بالوقت.

الصفحة 68