كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

وكلام المتولي يقتضي أن محله إذا جزم به مع ظنه بقاء الوقت أو خروجه؛ ألا تراه قال: إن وجه الصحة هو ظاهر النص؛ لأجل ما ذكره الشافعي في مسألة الأسير [ونحوها، بل يتعين [أن يكون محله ما إذا فعل ذلك مع العلم ببقاء الوقت] أو خروجه، وألا لزم أن يكون في مسألة الأسير] خلاف في الصحة، ولا قائل بعدم الصحة فيها، وإنما الخلاف بين الأصحاب في أن ما يفعله خارج الوقت باجتهاده هل يكون قضاء أو أداء؟
نعم: قد يقال في الجواب: إنهم عنوا الحالة الأولى، وهي ما إذا أراد شيئاً فسبق لسانه إلى غيره، وسنذكر خلافاً في أن التلفظ بما يجب أن ينويه في الصلاة هل يجب قبل تكبيرة الإحرام أم لا؟ فإن قلنا: لا يجب؛ فلا وجه لإجراء الخلاف كما قال. وإن قلنا: يجب وإن نية الأداء والقضاء لابد منهما، فحينئذ ثار الخلاف: فمن قائل: لا يجزئه؛ لأنه لم يتلفظ [بما وجب عليه أن ينويه، وهو شرط.
ومن قائل: إنه يجزئه]؛ لأن أحد اللفظين يعبر به عن الآخر؛ فكأنه نطق به، ولما كان الصحيح عدم اشتراط النطق بالمنوي، كان الصحيح صحة القضاء بنية الأداء والعكس، والله أعلم.
ثم الخلاف الذي حكيناه عن الشيخ أبي حامد والقاضي في المكتوبة جار في السنة الراتبة [كما قاله الأصحاب.
[قلت:] ولعل ذلك تفريع منهم على] القول بأنها تقضي، أما إذا قلنا: لا تقضي، فيظهر أنه لا يحتاج إلى التعرض للأداء؛ إذ لا شيء غيره حتى يحترز عنه.
الثالث -قاله ابن القاص-: أنه لابد من التعرض إلى الإضافة إلى الله تعالى، وقد توجه بقوله تعالى: {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى* إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الأعلى: 19، 20].
وجه الدلالة [منه]: أنه أخبر أن المجازاة لا تقع بمجرد الفعل حتى يبغي به

الصفحة 69