كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

عزوبها في آخره، كما في غسل الوجه في الوضوء، يكفي اقتران النية بجزء من الوجه، ولا يضر عزوبها عند غسل باقيه؛ ولأنا لو قلنا: إنه يلزمه استصحابها ذكراً إلى الفراغ منه، لكان ذلك تكراراً للنية، وذلك لايجب عليه، كما لا يلزمه ذلك إلى آخر الصلاة.
قال القاضي الحسين: وهذا لا يصح، بل الصحيح ما قاله الشيخ أبو علي؛ لأن الواجب عليه أن يأتي بالنية عند [افتتاح الصلاة] إلى أن تنعقد له الصلاة، وإنما تنعقد له إذا فرغ من التكبير دون ما إذا أتى ببعضه، وبهذا خالف غسل جزء من الوجه؛ لأن الوضوء انعقد بغسل ذلك الجزء؛ فإنه محسوب من وضوئه.
قلت: وإلزام التكرار وارد على القفال؛ فإنه شرط التقدم والاستمرار ذكراً حتى يأتي بجزء من التكبير، وخالف تمام التكبير تمام الصلاة حيث لا يعتبر فيها الاستصحاب ذكراً؛ لأن ذلك يشق، ولا مشقة في استصحابها ذكراً إلى أن يفرغ التكبير.
ولأن المصلي مندوب إلى التفكر في قراءة صلاته، ومع ذلك لا يمكن استحضار النية.
قال الأصحاب: ويؤيد الفرق بين [الحالين] أن المتيمم لو رأى الماء قبل الفراغ من التكبير، بطل تيممه، دون ما إذا رآه بعد فراغه، والصلاة مما يسقط فرضها بالتيمم.
وقد حصل مما ذكرناه في المسألة ثلاثة أوجه ليس [منها شيء] في طريقة العراق، والذي ذكروه وتابعهم القاضي الحسين في أثناء الباب والصيدلاني -كما قال الإمام-: أنه يجوز أن يقدم النية على التكبير، ويستصحبها ذكراً إلى أن يفرغ منه، ويجوز أن يقرنها بأول جزء منه، ويستصحبها ذكراً إلى أن يفرغ منه، وحملوا نص الشافعي على ذلك، فهم فيه موافقون لجمهور المراوزة في اشتراط الاستدامة ذكراً إلى آخر التكبير، ومخالفون لهم في عدم اشتراط التقدم على التكبير، [و] لكنه مستحب عندهم؛ فإن لم يفعله جاز، والمراوزة لا يجوزون ذلك، ويقولون: لا تنعقد الصلاة بدونه، كما صرح به الإمام، وعليه ما سلف.
وأجاب القاضي الحسين عن ذلك حين وافق العراقيين في عدم اشتراط التقدم بأن

الصفحة 77