كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

ثم قال: ولا يبعد على هذا أن يجوز هذا القائل إخلاء أول التكبير عن افتتاح العلوم بالمنوي إذا كان يتأتى يطبق القصد على أول وقت العقد.
قال: ومن اشترط تقديم النية على التكبير فمقصوده: أن يقدم العلوم بما ينويه قبل التكبير، ثم ينطبق القصد على أول التكبير؛ فنه أول الصلاة، فإن خلا عن القصد لم يصح.
قال: ومن خير بين التقديم والتأخير آل حاصل كلامه إلى أن التخيير يكون بين إطباق القصد على أول التكبير، وبين إطباقه على أول العقد، لكن مساق هذا التقدير ألا يشترط القائلون باشتراط تقديم النية أو بالتخيير استدامتها ذكراً بعد اقترانها بأول التكبير إلى آخر التكبير كما صار إليه القفال، وقد قالوا: إنه يجب أن يكون مستديماً للنية جملة إلى الفراغ من التكبير.
ولا جرم قال الإمام: إن إيجاب استدامة النية إلى آخر التكبير قول [من لم] يحط بحقيقة النية؛ فإن من ضرورة تقديم النية-أي: بالتفسير الذي ذكرناه- أن تنطبق النية على أول التكبير، والمقدم هو العلوم، ثم إذا حضرت العلوم، ووقع القصد، ليس ما يدام نية، وإنما هو ذكر النية، وذكر النية علم بأنها وقعت كما وصفنا وقوعها، وحينئذ فالمراد: دوام العلم بأنه صدر منه النية.
والقفال حيث اكتفى بالمقارنة لم يشترط دوام العلم بها إلى أن ينقضي التكبير، ولم يتفطن لهذه الدقيقة من الفقهاء غيره.
قلت: وهذا السؤال بعينه يرد على ما ذكرناه أن حاصل مذهب العراقيين يرجع إليه، وقد أجيب عنه بأن المراد من استدامة النية جملة إلى الفراغ، ذكر يجدد قصداً بعد قصد إلى آخر التكبير من غير تخلل زمان، وكما لا يمتنع استمرار العلوم بمعنى تجددها شيئاً فشيئاً بزعمه، لم يمتنع ذلك في المقصود، وحينئذ يستقر ما ذكرناه من التأويل، لكن الشيخ تقي الدين بن الصلاح ادعى أن هذا التأويل فاسد؛ لأن تجديد [النية] الثانية يتضمن إبطال الأولى على ما عرف فيمن كبر في إحرامه للصلاة تكبيرات بنيات متباينات؛ إذ من ضرورة إنشاء عقد حل ما انعقد

الصفحة 79