كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

قبله؛ لأن المنعقد لا ينعقد؛ فكيف يستقيم إلحاق النيات بالعلوم المتواترة؟!
قلت: وهذا فيه نظر: لأن النية الأولى في مسألتنا قبل تمام التكبير لم تتم، وتمامها موقوف عند هذا القائل على تكرارها؛ ولهذا لم يحكم بانعقاد الصلاة قبله، وإذا كان كذلك، فلا يجوز أن يجعل ما يتم به الشيء مبطلاً له، ولا كذلك في الصورة المستشهد بها؛ فإن النية فهيا قد تمت، وانعقدت الصلاة، وعقد المعقود ممتنع؛ فاضطررنا إلى الحكم [بحله]، بخلاف الأول، وحينئذ يستقر ما ذكرناه من التأويل، والله أعلم.
وقد سلك صاحب "الغاية" في الرد على الإمام طريقاً آخر، فقال: ما نزل عليه الوجوه بعيد في الفقه والتحقيق:
أما من جهة الفقه؛ فلأنه على قول البسط يجوز خلو أول التبكير عن النية، ومن شأن النية أن تقترن بأول العبادة، [وليس له أن يحكم بعطف النية على أول العبادة] كما في الصوم على وجه؛ لأن الصوم استثنى لحاجة لا تحقيق لها هاهنا. وظاهر كلام الشافعي يشعر ببسط النية؛ إذ قال: "ينوي مع التكبير لا قبله ولا بعده".
وأما من جهة التحقيق: فلا مانع من بسط النية إلا لكونها عرضاً فرداً، والعرض الرد لا يتصور انبساطه، وذلك لازم في أنواع العلم والذكر؛ لأنها أعراض لا يمكن بسط الفرد منها، فإن عني ببسط العلوم توالي الأمثال؛ [فذلك جوابنا] في بسط النية؛ إذ لا معنى لبسط العرض [واستمراره] إلاتوالي أمثاله.
قلت: وما ألزمه الإمام غير لازم؛ لأن الإمام لم يشترط استحضار جميع العلوم في وقت واحد، بل اكتفى بحصولها شيئاً فشيئاً من أول التكبير إلى آخره، وذلك لا يقتضي توالي أمثالها؛ فاندفع هذا السؤال بهذا الطريق، [والله أعلم].
وقد سلك صاحب "الذخائر" في تقرير الوجه الأول الذي قلنا: إنه ظاهر

الصفحة 80