كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

استطاعته، ولا يجوز [له] أن يعدل إلى ذكر آخر؛ لأنه قادر على أن يأتي [بمعنى التكبير] بلغته، مع أن لفظه ليس بمعجز، ولم يجز أن ينتقل عنه إلى غير معناه؛ وبهذا فارق العاجز عن الفاتحة، لا يأتي بها بلسانه؛ لأن نظمها معجز.
وقد أفهم كلام الشيخ تعين الإتيان بالتكبير بلسانه عند العجز بالعربية، والذي حكاه البندنيجي: أنه يجوز له في هذه الحالة أن يكبر بغير لسانه؛ إذ لا فرق بينهما، وهذا وجه حكاه غيره وصححه.
وقال في "الحاوي": إن كان لا يحسن العربية، ويحسن الفارسية والسريانية، فبأيهما يكبر؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بالفارسية؛ لأنها أقرب اللغات إلى العربية؛ فعلى هذا لو كان [يحسن] الفارسية وغيرها لا يأتي [إلا] بالفارسية.
والثاني: بالسريانية؛ لأن الله -تعالى- أنزل بها كتاباً، ولم ينزل بالفارسية؛ فعلى هذا لو كان يحسن السريانية وغيرها لا يكبر إلا بالسريانية.
والثالث: يكبر بأيهما شاء؛ فعلى هذا لو كان يحسنهما، ويحسن غيرهما، كبر بأيهما شاء.
وقد ادعى الرافعي: أن العبرانية أنزل بها كتابٌ، وهي حينئذ كالسريانية؛ فيجيء فيها مع الفارسية الأوجه، [وفيها] مع [غير] الفارسية الوجهان، والله أعلم.
قال: وعليه أن يتعلم -[أي]: [العربية]- لأن ما لا يتأتى الواجب إلا به فهو واجب.
[فإن قيل: لا نسلم أن التكبير بالعربية واجب]؛ لأن الله تعالى يقول: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15]، والذاكر بغير العربية ذاكر لله تعالى.
قلنا: دليل وجوبه قد تقدم من أنه -عليه السلام- لم يكبر إلا بها، وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".

الصفحة 87