كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

ثم ما ذكره الشيخ من أنه يكبر [بلسانه، منصرف إلى تكبيرة] الإحرام، [و] في معناها التشهد؛ لأنه ذكر واجب كهي، وليس فيه نظم معجز، وهذا مما لا خلاف فيه.
وما عدا ذلك من الأذكار المسنونة: كدعاء الاستفتاح، والتعوذ، وتكبيرات الانتقالات، والتسبيح، والدعاء بعد التشهد- فهل يأتي بها بلسانه عند العجز والقدرة أو عند العجز فقط أو لا يأتي بها؟ اختلف فيه نقل الأئمة:
فالذي حكاه القاضي الحسين عن المراوزة: أنه لا يأتي بها عند القدرة على العربية [إلا بالعربية]، ونسبه [في "التتمة"] إلى قول بعض الأصحاب، وأن القفال اختاره، وفرع عليه: أنه لو أتى بذلك بلسانه عمداً، بطلت صلاته، وكذا هو في "الإبانة"، وقاسه على ما لو تكلم عامداً.
وعن العراقيين: أنه يجوز أن يأتي بذلك بلسانه، والأولى أن يأتي بها بالعربية.
وعند العجز عن العربية على مذهب العراقيين يجوز، وعند المراوزة هل يجوز أنا يأتي به بلسانه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز [كما] في تكبيرة الإحرام والتشهد، وهذا ما صححه البغوي. والثاني: لا؛ لأنها ليست واجبة، بخلاف التكبير والتشهد، فلو فعل ذلك بلسانه بطلت صلاته.
قال القاضي الحسين: والوجهان صدورهما من لفظ الشافعي حيث قال -يعني: في "المختصر" [بعد] ذكر التكبير-: "وكذلك الذكر، وعليه أن يتعلم"، [وهو يحتمل أنه أراد به التشهد دون التسبيحات؛ لأنه قال: "وعليه أن يتعلم"، وإنما يجب تعلم التشهد دون سائر الأذكار.
ويحتمل أنه أراد به الكل؛ لأن اسم الذكر ينطبق على الكل، وقوله: "وعليه أن يتعلم"] ينصرف إلى التشهد، والاحتمال الثاني هو المحكي في "الحاوي"، وكذا في "الشامل"، وقال: إنه فسره في "الأم" كذلك.
وإن جمعت ما ذكرناه واختصرت، قلت: هل يجوز أن يأتي بالأذكار المسنونة في

الصفحة 89