كتاب الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (اسم الجزء: 3)
67 - باب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ. وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَعْدِنِ «جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لأَنَّهُ يُقَالُ أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ. إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ. قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَىْءٌ، أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا، أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ. ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ لاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلاَ يُؤَدِّىَ الْخُمُسَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مثله يكون حكمه حكم ذلك، إلا أن فيه شبهة؛ وذلك أن الخشبة كان فيها ورقة باسم الرجل الذي اقترض، اللهم إلا أن يقال تلك الورقة لا يُعتَدُّ بها؛ لأنها لم تكن حجة شرعية.
باب في الركاز الخمس
(وقال مالك وابن إدريس: الرّكاز دفن الجاهلية، ففي قليله وكثيره الخمس) وابن إدريس هذا هو الشافعي، وعليه الأكثرون، وقيل: هو عبد الله بن إدريس الأودي. وقال أحمد بما قاله مالك والشافعي. فليس في المسألة مخالف إلا أبو حنيفة، وعليه نبّه البخاري بقوله: (وقال بعض الناس: الرّكاز: المعدن) واستدل على بطلان هذا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المعدن جبار، وفي الرّكاز الخمس) جعل المعدن جبارًا، وفي الرِّكاز الخمس أي: جعل المعدن مقابلًا للرِّكاز.
(وقال الحسن: ما كان من ركاز في أرض الحرب فيه الخمس، وما كان من أرض السلم) -بكسر السين وفتحها- الصلح (ففيه الزكاة، وإن وجدت لُقطة في أرض العدو فعَرَّفها سنة، إن كانت من العدو ففيها الخمس) وبه قال أبو حنيفة، وعند غيره حكمها حكم سائر الأموال إذا حال الحول أخرج زكاته (ثمّ ناقض وقال: لا بأس أن يكتمه ولا يؤدِّ الخمس) وجه النقض أنه أوجب زكاته وجوز تركه؛ والوجوب والجواز متناقضان.
والجواب لأبي حنيفة ما قال ابن الأثير: أن الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة تحت الأرض، وعند أهل العراق المعادن. قال: واللغة تحتملها، وإذا احتمل اللفظ، وحمله أبو حنيفة على أحد المحملين فقط سقط الاعتراض. وأما المناقضة فقد أجاب الطحاوي: بأن قول الإمام إنما هو فيما إذا كان مستحقًا لو أخذه لنفسه جاز له ذلك.
الصفحة 493
512