كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

فَذهب ثمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُول الله ألم تَرَ إِلَى الْجَارِيَة الَّتِي سَأَلتك عَنْهَا فَإِنَّهَا قد حبلت
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا قدر الله لنَفس أَن تخرج إِلَّا وَهِي كائنة // صَحِيح //
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أَصَابَنَا نسَاء يَوْم خَيْبَر فَكُنَّا نعزل عَنْهُن وَنحن نُرِيد الْفِدَاء فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ لَيْسَ من كل المَاء يخلق الْوَلَد وَإِن الله عز وَجل إِذا أَرَادَ شَيْئا لَا يمنعهُ شَيْء وَسَأَلَ رجل من أَشْجَع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ مَا يقدر الله عز وَجل فِي الرَّحِم فسيكون // صَحِيح //
وَفِي الْأَثر الَّذِي رَوَاهُ الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم ان السّلف كَانُوا يَقُولُونَ النُّطْفَة الَّتِي قدر مِنْهَا الْوَلَد لَو ألقيت على صَخْرَة لَخَرَجت تِلْكَ النَّسمَة مِنْهَا
فَدلَّ كل من الْأَحَادِيث والْآثَار على شُمُول إرداته تَعَالَى وَأَنه إِذا أَرَادَ شَيْئا لَا يمنعهُ شَيْء وَلَا يكون إِلَّا مَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ وَأَن ذَلِك هُوَ مَذْهَب السّلف يجب على الْمُسلمين مَعْرفَته وَالْإِيمَان بِهِ فَمن زعم خلاف ذَلِك فقد زعم أَن مَشِيئَة الْعباد أغلب من مَشِيئَة الله وَأَنَّهُمْ أقدر على مَا يُرِيدُونَ مِنْهُ على مَا يُرِيد وَهَذَا عين الشّرك بِاللَّه تَعَالَى الله عَمَّا تَقوله الملحدة الْقَدَرِيَّة علوا كَبِيرا
وَمن زعم ان السّرقَة وَشرب الْخمر وَأكل مَال الْحَرَام لَيْسَ بِقَضَاء وَقدر من الله زعم ان هَذَا الْإِنْسَان قَادر على أَن يَأْكُل رزق غَيره وَأَن مَا أَخذه وَأكله وَملكه وَتصرف فِيهِ من أَحْوَال الدُّنْيَا وأموالها كَانَ إِلَيْهِ وبقدرته يَأْخُذ مِنْهَا مَا يَشَاء وَيَضَع مَا يَشَاء وَيُعْطِي من يَشَاء وَيمْنَع من يَشَاء إِن شَاءَ أغْنى نَفسه

الصفحة 160