كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يصنع كل صانع وصنعته وَفِي حَدِيث آخر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله عز وَجل يَقُول أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا خلقت الْخَيْر وَقدرته فطوبى لمن خلقته للخير وخلقت الْخَيْر لَهُم وأجريت الْخَيْر على يَدَيْهِ أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا خلقت الشَّرّ وَقدرته فويل لمن خلقت الشَّرّ لَهُ وخلقته للشر وأجريت الشَّرّ على يَدَيْهِ
قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية والقدرية الثَّانِيَة الْمَجُوسِيَّة الَّذين يجْعَلُونَ لله شُرَكَاء فِي خلقه كَمَا جعل الْأَولونَ لله شُرَكَاء فِي عِبَادَته فَيَقُولُونَ خَالق الْخَيْر غير خَالق الشَّرّ وَيَقُول من كَانَ مِنْهُم فِي ملتنا إِن الذُّنُوب الْوَاقِعَة لَيست وَاقعَة بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وَرُبمَا قَالُوا وَلَا يعلمهَا أَيْضا وَيَقُولُونَ أَن جَمِيع أَفعَال الْحَيَوَان وَاقع بِغَيْر رقدرته وَلَا صنعه فيجحدون مشيئتة النافدة وَقدرته الشاملة وَلِهَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس الْقدر نظام التَّوْحِيد فَمن وحد الله وآمن بِالْقدرِ تمّ توحيده وَمن وحد الله وَكذب بِالْقدرِ نقض تَكْذِيبه توحيده ويزعمون أَن هَذَا هُوَ الْعدْل ويضمون إِلَى ذَلِك سلب الصِّفَات ويسمونه التَّوْحِيد
وَقَالَ ابْن الْقيم فِي قصيدته النونية اسْتِدْلَالا على شُمُول الْقدر الإلهي لأفعال الْعباد وَغَيرهَا من الْمَخْلُوقَات
(وَهُوَ الْقَدِير فَكل شَيْء فَهُوَ مَقْدُور ... لَهُ طَوْعًا بِلَا عصيان)
(وَعُمُوم قدرته تدل بِأَنَّهُ ... هُوَ خَالق الْأَفْعَال للحيوان)
(هِيَ خلقه حَقًا وأفعال لَهُم ... حَقًا وَلَا يتناقض الْأَمْرَانِ)
(لَكِن اهل الْجَبْر والتكذيب بالأقدار ... مَا فتحت لَهُم عينان)

الصفحة 163