كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

ألتناهم من عَمَلهم من شَيْء)
وَقَوله {هَل ثوب الْكفَّار مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}
وَقَالُوا ماسلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين
وأمثال هَذَا فِي الْقُرْآن كثير جدا فَبين سُبْحَانَهُ فِيمَا يذكرهُ من سَعَادَة الْآخِرَة وشقاوتها أَن ذَلِك سَيكون جَزَاء بِالْأَعْمَالِ الْمَأْمُور بهَا والمنهي عَنْهَا كَمَا يذكر نَحْو ذَلِك فِيمَا يَقْتَضِيهِ من الْعُقُوبَات والمثوبات فِي الدُّنْيَا أَيْضا
قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم} قَالَ على علم بِمَا يكون قبل أَن يخلقه ... وَقَالَ سعيد ابْن جُبَير وَمُقَاتِل على علمه فِيهِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق أَي على مَا سبق فِي علمه أَنه ضال قبل أَن يخلقه وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ على علم مِنْهُ بعاقبة
قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث تَعْلِيقا على حَدِيث الشقي من شقي فِي بطن أمه والسعيد من سعد فِي بطن أمه مَا نَصه هَذَا من بَاب الْعلم أَي علم الله أَن فلَانا سيعطى الْحُرِّيَّة وَالِاخْتِيَار فيختار مَا يُفْضِي للسعادة وَفُلَانًا سيعطاهما فيختار سَبِيل الشَّقَاء
وعَلى هَذَا الضَّوْء يفهم الْقَارئ جَمِيع الْآيَات وَالْأَحَادِيث الَّتِي يكَاد يفهم

الصفحة 173