كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

كَقَوْلِه تَعَالَى {فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} لم يعلم فِرْعَوْن بِهَذِهِ الْعَاقِبَة وَالثَّانِي الَّذِي هُوَ الْعَاجِز كَقَوْلِهِم لدو للْمَوْت وَابْنُوا للخراب فَإِنَّهُم يعلمُونَ هَذِه الْعَاقِبَة عاجزون عَن دَفعهَا فَالله تَعَالَى عليم قدير فَلَا يُقَال أَن فعله كَفعل الْجَاهِل الْعَاجِز
وَقد بَين شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية هَذِه الْمَسْأَلَة من خلال نقاش طَوِيل أجَاب فِيهِ على سُؤال وَجه إِلَيْهِ حول هَذِه الْمَسْأَلَة حَاصله السعيد لَا يشقى والشقي لَا يسْعد فَمَا فَائِدَة الْعَمَل
فَأجَاب قَائِلا هَذِه الْمَسْأَلَة قد أجَاب فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غير حَدِيث فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قيل يَا رَسُول الله أعلم أهل الْجنَّة من أهل النَّار قَالَ نعم قيل فَفِيمَ يعْمل الْعَامِلُونَ قَالَ اعْمَلُوا كل ميسر لما خلق لَهُ ... وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن أبي الْأسود الدؤَلِي قَالَ قَالَ لي عمرَان بن حُصَيْن أَرَأَيْت مَا يعْمل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ أَشَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم من قدر سَابق أَو فِيمَا يستقبلون بِهِ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم وَثبتت الْحجَّة عَلَيْهِم فَقلت بل شَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم قَالَ أَفلا يكون ذَلِك ظلما قَالَ فَفَزِعت من ذَلِك فَزعًا شَدِيدا وَقلت كل شَيْء خلق الله وَملك يَده فَلَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون فَقَالَ يَرْحَمك الله إِنِّي لم أرد بِمَا سَأَلتك إِلَّا لأجود عقلك إِن رجلَيْنِ من مزينة أَتَيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا يَا رَسُول الله أَرَأَيْت مَا يعْمل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ أَشَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى فيهم من قدر سَابق أَو فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم وَثبتت الْحجَّة عَلَيْهِم فَقَالَ لَا بل شَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى فيهم وتصديق ذَلِك

الصفحة 176