كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

على قُلُوبهم وَجعل الغشاوة على أَبْصَارهم سَيكون إِلَى النَّار فَللَّه الْمِنَّة وَالشُّكْر فِيمَا هدى وَأعْطى وَهُوَ الحكم الْعدْل فِيمَا منع وأضل وأشقى وَله الْحَمد والْمنَّة على من تفضل عَلَيْهِ وهداه وَله الْحجَّة الْبَالِغَة على من أضلّهُ وأشقاه فَجعل على سمعهم وأبصارهم غشاوة وَفِي آذانهم وقرا وحجابا فَلَا يبصرون طَرِيق الْهِدَايَة والرشاد وَلَا يسمعُونَ نِدَاء الْحق والفلاح على قُلُوبهم أكنة تحول بَينهم وَبَين الْهِدَايَة والرشاد ... وَللَّه الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ذَلِك فَلَا يجوز لأحد أَن يَقُول لم فعل الله بهم ذَلِك
وَقد فرض الله على الْمُؤمن أَن يعلم أَن ذَلِك عدل وَحِكْمَة لِأَن الْخلق كُله لله عز وَجل وَالْملك ملكه وَالْعَبْد عَبده يهدي من يَشَاء ... ويضل من يَشَاء ويعز من يَشَاء ويذل من يَشَاء ويحمد على السَّعَادَة ويشقي من يَشَاء ويذم على الشَّقَاء وَهُوَ عدل فِي ذَلِك لَا راد لحكمه وَلَا معقب لقضائه لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون
وَمن النُّصُوص الْوَارِدَة فِي إِثْبَات الْخَتْم والطبع على من شَاءَ من بعباده قَوْله تَعَالَى {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم وَختم على سَمعه وَقَلبه وَجعل على بَصَره غشاوة فَمن يهديه من بعد الله أَفلا تذكرُونَ}

الصفحة 188