كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فطبع على قُلُوبهم فهم لَا يفقهُونَ}
وَقَوله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذين طبع الله على قُلُوبهم وَاتبعُوا أهواءهم}
هَذَا الصِّنْف من النَّاس لايهتدون وَلَا يُؤمنُونَ مهما أنذروا بِالْآيَاتِ القرآنية وشاهدوا من الْآيَات الكونية وَمهما سمعُوا وعاينوا من المعجزات النَّبَوِيَّة الْوَاضِحَة كَمَا قصّ الله تَعَالَى عَن هَؤُلَاءِ فِي غير آيَة من كِتَابه من ذَلِك قَوْله تَعَالَى {لقد حق القَوْل على أَكْثَرهم فهم لَا يُؤمنُونَ إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالا فَهِيَ إِلَى الأذقان فهم مقمحون وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا وَمن خَلفهم سدا فأغشيناهم فهم لَا يبصرون وَسَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ}
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِن تَدعهُمْ إِلَى الْهدى فَلَنْ يهتدوا إِذا أبدا}
وَقَوله تَعَالَى {وَلَو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عَلَيْهِم مَا كَانُوا بِهِ مُؤمنين كَذَلِك سلكناه فِي قُلُوب الْمُجْرمين لَا يُؤمنُونَ بِهِ حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم}
فَهَذَا وَنَحْوه فِي الْقُرْآن مِمَّا يسْتَدلّ بِهِ الْعُقَلَاء من عباد الله الْمُؤمنِينَ على أَن الله عز وَجل خلق خلقا من عباده أَرَادَ بهم الشَّقَاء فَكتب ذَلِك عَلَيْهِم فِي أم الْكتاب عِنْده فختم على قُلُوبهم فحال بَينهم وَبَين الْحق أَن يقبلوه وغشى أَبْصَارهم عَنهُ فَلم يبصروه وَجعل فِي آذانهم الوقر فَلم يسمعوه وَجعل قُلُوبهم ضيقَة حرجة وَجعلهَا فِي أكنة ومنعها الطَّهَارَة وَصَارَت رجسه لِأَنَّهُ خلقهمْ للنار

الصفحة 189