كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

هدى وشقاء ... والقدرية ترد هَذَا كُله إِلَى الْمُتَشَابه وتجعله من متشابه الْقُرْآن وتتأوله على غير تَأْوِيله بِمَا يقطع بِبُطْلَانِهِ وَعدم إِرَادَة الْمُتَكَلّم لَهُ مِمَّا لَا مجَال لذكره هُنَا لطوله
والجبرية تستدل بهَا على أَن العَبْد لَا مَشِيئَة وَلَا إِرَادَة لَهُ دون الْتِفَات إِلَى مئات من الْآيَات القرآنية الَّتِي تدل على أَن للْعَبد مَشِيئَة وَإِرَادَة واختيارا وَهِي كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {كلا إِنَّهَا تذكرة فَمن شَاءَ ذكره}
وَقَوله {إِن هَذِه تذكرة فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه سَبِيلا}
وَقَوله {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون}
وَقَوله {من كَانَ يُرِيد العاجلة عجلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء لمن نُرِيد ثمَّ جعلنَا لَهُ جَهَنَّم يصلاها مذموما مَدْحُورًا وَمن أَرَادَ الْآخِرَة وسعى لَهَا سعيها وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك كَانَ سَعْيهمْ مشكورا}
فهدى الله أهل السّنة لما اخْتلفُوا فِيهِ فحملوا الْآيَات الْمُتَقَدّمَة الدَّالَّة على الإضلال والختم والطبع على محمل صَحِيح وبينوا أَنَّهَا لَا تدل على الْجَبْر بِالْمَعْنَى الَّذِي يريدونه بل أَن العَبْد لَهُ مَشِيئَة وَإِرَادَة وَفِيمَا يَلِي بَيَان ذَلِك مفصلا
وضح ابْن الْقيم الْمَعْنى الْمَقْصُود من هَذِه الْآيَات الَّتِي تستدل بهَا الجبرية

الصفحة 193