كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 3)

وكما فِي قَوْله سُبْحَانَهُ {إِن هُوَ إِلَّا ذكر للْعَالمين لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين}
وَقَوله تَعَالَى {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة ثمَّ صرفكم عَنْهُم ليبتليكم}
وَقَوله {وَمن يرد ثَوَاب الْآخِرَة نؤته مِنْهَا وسنجزي الشَّاكِرِينَ}
وَيَقُول أَيْضا {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون}
وَيَقُول {من كَانَ يُرِيد العاجلة عجلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء لمن نُرِيد}
وَيَقُول {من كَانَ يُرِيد العاجلة عجلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء لمن نُرِيد ثمَّ جعلنَا لَهُ جَهَنَّم يصلاها مذموما مَدْحُورًا وَمن أَرَادَ الْآخِرَة وسعى لَهَا سعيها وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك كَانَ سَعْيهمْ مشكورا}
كَمَا يَقُول سُبْحَانَهُ {من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة نزد لَهُ فِي حرثه وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب}
ظنت الْقَدَرِيَّة والجبرية التَّعَارُض بَين المشيئين مَشِيئَة العَبْد ومشيئة الرب فنفت الْقَدَرِيَّة مَشِيئَة الرب لأفعال الْعباد كَمَا نفت الجبرية الْمَشِيئَة عَن عباده فضل كل من الطَّائِفَتَيْنِ عَن الصَّوَاب فهدى الله اهل السّنة إِلَى مَا فِيهِ الصَّوَاب فأثبتوا كلا من المشيئتين كَمَا أثبت الله وَرَسُوله إِذْ لَا تعَارض بَين

الصفحة 206