كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 3)
هذا فى حكم التقصير الذى يعرف من أحدهما، أما إذا قال كل منهما: إ ن
صاحبه متعد عليه، فقد قال الخطيب فى الإقناع (1).
وإن قال كل من الزوجين: إن صاحبه متعد عليه تعر! القاضى الحال الواقع
بينهما بثقة يخبرهما، ويكون الثقة جارا لهما، فإن عدم أسكنهما بجنب ثقة،
ليتعرف حالهما، ثم ينهى إليه ما يعرفه، فإذا تبين للقاضى حالهما منع الظالم
منهما من عوده لظلمه، فإن اشتهر الشقاق بينهما بعث القاضى حكما من أهله
وحكما من أهلها. اهـ.
قال تعالس (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما فن أهله وحكما فن أهلها
إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا مهو أ النساء: 135.
والحكمان لهما صفة الوكالة فى التطليق وقبول العوض من جهته،
والاختلاع من جهتها كما قال بعض العلماء، وقال البعض الآخر: لا تعطى لهما
هذه الصفة، فهما حكمان لا وكيلان. والخلاف فى ذلك ومناقشته مبسوط فى
كتب الفقه - انظر كتاب " زاد المعاد " لابن القيم.
ونتوجه إلى الحكمين بالنصح بالإخلاص لله فى هذه المهمة، وبذل ما فى
وسعهما لتقريب الشقة وإزالة أسباب الخلاف، والله يعينهما علي مهمتهما ما
دأما بهذه الروح الخالصة والنية الحسنة " إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " وقد
أوفد عمر رضى الله عنه حكما في مثل هذه الحالة فرجع بدون جدوى، فعلاه بالدرة
وأمره أن يرجع ويحسن نيته، تاليا عليه هذه الاية، فوفقه الله فى مهمته (2).
وهذا محمول على أن ضمير " يريدا " راجع إلى الحكمين، وعليه فضمير
" بينهما " يجوز عودته إليهما، أى يوفق الله الحكمين فى مهمتهما، أو إلى
الزوجين، أى يوفقهما الله فى حياتهما المستقبلة بعد هذا النزاع، وحمل بعض
العلماء الضمير الأول على الزوجين، وعليه فيجوز حمل الضمير الثانى على
الحكمين أو على الزوجين. وكل حسن، تحتمله الاية. ويؤيده الواقع، وسيعالج
هذا الموضوع أيضا فى بحث الطلاق.
***
__________
(1) خ 2،ص 145.
(2) ا لإحيا ء،! 2، ص 5 4.
10