كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 3)

عزيز مصر لامرأته حين راودت يوسف عن نفسه، ولما 1 متنع استبقت وشكت
إليه، متهمة إياه بالسوء، وبعد التحقيق وشهادة الشاهد قال لها (إنه من كيدكن
إن كيدكن عظيم! أ يوسف: 28،، وهو دليل على أصالة هذا المعنى فيهن،! هو
موجود لديهن من قديم.
ويقف النبى ع! ط من إشارة عائشة بتقديم غير والدها أبى بكرالصديق
للصلاة عند مرض النبى موقف الحازم الخبير بميول المرأة واتجاهاتها، فيقول " مروا
أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحبات يوسف " (1) والمراد أنهن مثل صواحب
يوسف فى إظهار خلاف ما فى الباطن. ووجه المشابهة بينهما - كما قال
القسطلانى - (2) أن زليخا قد استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة.
ومرادها الزيادة على ذلك، وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف، ويعذرنها فى
محبته، وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها لكونه لا
يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك، وهو ألا يتشاءم الناس
به. وقد صرحت هى بذلك، كما عند البخارى فى باب وفاته عليه الصلاة
والسلام، فقالت: لقد راجعته وما حملنى على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع فى
قلبى أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبدا، وإلا كنت أرى أنه لن يقوم أحد
مقامه إلا تشاءم الناس به. اهـ.
ولعل مما يضاف إلى ذلك أن النسوة لما عبن زليخا لشغفها بيوسف، ثم
رأينه ملن إليه ميلا أذهلهن عما فى أيديهن فقطعنها، ونفح! كل واحدة منهن
تحد ثها بما حد ثت نفس زليخا، ولما لم ينلن حكمن عليه بالمسجن فى صورة
انتقام يعوضهن شيئا مما فاتهن. فظاهر كلامهن أخيرا الانتقام والكراهية، وحقيقة
كلامهن أولا عند رؤيته، الحب والهيام.
يقول شكسبير: لو كانت دموع النساء تخصب الأرض لا! نبتت الملايين من
التماسيح (3). ومما قيل فيها: " المرأة كتاب صفحاته سوداء، وكلماته مضيئة،
__________
(1) رواه البخارى ومسلم. (2) المواهب اللدنية، في 2، ص 368.
(3) الرسالة الأ سبوعية بيروت 25 91 9781 1.
16

الصفحة 16