كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 3)
هذا، ولا عذر للرجل فى عدم إنكار المنكر إذا وقع وهو غائب لم يشاهده
مادام يعلم به. ففى الحديث ((إذا عملت الخطيئة فى الأ رض كان من شهدها
فكرهها - وقال مرة: فأنكرها - كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان
كمن شهدها ". وقد ذكر عن أبى هريرة أنه قال: كنا نسمع أن الرجل يتعلق
بالرجل يوم القيامة ولا يعرفه فيقول له: مالك إلى، وما بينى وبينك معرفة؟ فيقول
له: كنت ترانى على الخطأ وعلى المنكر ولا تنهانى (1)، وإذا كان هذا فى الأجنبي
فكيف فيمن يكون الرجل قواما عليها وراعيا لها؟
وقد رأينا أن النبى لمج!! مع حبه لنسائه وحبهن له كان شديد الرقابة
عليهن، فيصلح من خطئهن ويقوم من اعوجاجهن، ويؤدب على التقصير مهما
كانت منزلة الواحدة منهن عنده. ينتصف منها للحق ولو كان فى ذلك إغضاب
لها. فقد اقتص من عائشة عندما كسرت صحفة إحدى ضراتها و! ن بها طعام،
وهو مذكور فى بحث تعدد إلزوجات، وتعليقا على هذه الحادثة تحدث العلماء
عن حكم مؤاخذة الغيرى، وأن النبى كلندط عفا عن عائشة فى مغاضبتها إياه وفى
كل ما يتصل به هو، وذلك لأنه القائل " إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادى من
أعلاه)) (2) وقد قال القاضى عياض: إن مالكا وغيره من علماء المدينة قالوا بسقوط
الحد عنها إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة، فإن الغيرة فيهن غالبا،
لفرط محبة الزوج،.فيتجاوز عن هفوات المرأة اعتبارا لهذا الحب، إلا أن هذه الغيرة
إذا كانت سببا فى ضرر يقع على الزوج فإنها تؤاخذ، ولذلك حكم النبى عند!
على عائشة بالقصاص عند كسر صحفة ضرتها، فأعطاها صحفتها بدلها، ويراجع
شرح النووى على صحيح مسلم (3).
__________
(1) الترغيب والترهيب، ج 3، ص ه 9، وقال المنذرى: ذكره رزين ولم أره، وشرحه الزبيدى
على الاحياء ولم يبين درجته.
(2) أخرجه ابؤ يعلى بسند لا بأس به عن عائشة - المواهب، ج \، ص 296.
(3)! ه 1، ص 3 0 2.
71