كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 3)
ذلك إلا قلة نادرة من النساء اللاتى يكن فى مرحلة من العمر يكثر منها فيها
النشوز. أما المتقدمات فى السن فلا يشعرن بهذه الوحشة، وهن مع ذلك فى سن
يقل أو يندر فيها النشوز. ومهما يكن من شىء فإن للزوج أن يتصرف فى الهجر
بما يراه مناسبا للمقام.
ودليل الهجر مع الاية قول النبى! ط " ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن
عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة،
فإن فعلن فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا
تبغوا عليهن سبيلا. . . " (1). والعوانى جمع عانية، وهى الأ سيرة. شبهت المرأة
فى دخولها تحت حكم زوجها بالأ سير، والمراد بالفاحشة المبينة النشوز وسوء
العشرة الذى يبين عدم طاعتها.
ومن الأدلة أيضا على الهجر فعل النبى كل!، فقد هجر زوجاته فى حادث
التخيير كما سبق، وهجر زينب عندما عابت صفية، وروى ابن الجوزى أن النبى
كلي! أرسل إلى زينب بهدية، فردتها، فقالت التى هو فى بيتها: لقد أقمأتك-
احتقرتك - إذ ردت عليك هديتك، فقال كلي! " أنتن أهون على الله أن تقمئننى"
ثم غضب عليهن كلهن شهرا. ذكره ابن الجوزى فى الوفاء بدون إسناد. وجاء فى
الصحيحين عن عمر: كان أقسم ألا يدخل عليهن شهرا، من شدة موجدته
عليهن، كما جاء فى رواية من حدلمجا جابر، فاعتزلهن شهرا بسبب غضبه
عليهن ثابت (2).
وليس للهجر أجل معلوم كما تبين من هجر النبى لزوجاته، والمدار فيه على
القدر الذى يؤثر على المرأة حتى تطيع. والمراد به الهجر! ي المضجع فقط على
النحو الذى سبق، وذلك لقصر النبى كليد! إيإه على البيت فى حدلمجا معاوية بن
حيدة، الذى سيأتى بعد، وفيه " ولا تهجر إلا فى البيت " وقوله تعالى
(واهجروهن في المضاجع! لا يفيد القصر.
__________
(1) رواه الترمذى عن عمرو بن الأ حوص، وقال: حديث حسن صحيح.
(2) الإحياء،! 2، ص 6 4.
93