كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

من التكبير أن يكون مِثْلَي ما يثنى به؛ قياسًا ونظرًا على ما [بَيَّنَّا] (¬1) من الشهادة أن لا إله إلا الله، فيكون ما يُبْتَدأ به الأذان من التكبير على ضِعْف ما يثنى به من التكبير، فإذا كان الذي يثنى هو: الله كبر، كان الذي يبتدأ به هو ضعفه الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، فهذا هو النظر الصحيح عندنا، والله أعلم.
وهو قول أبي حنيفة وأي يوسف ومحمد رحمهم الله، غير أن أبا يوسف قد روي عنه أيضًا في ذلك مثل القول الأول.
ش: أي ففي الأثر الذي رواه عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة أن المؤذن يقول في أول الأذان: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر -أربع مرات- وهذا القول هو أصح من القول الذي يقول فيه المؤذن: الله أكبر الله أكبر -مرتين- في النظر والقياس، وهذا كما رأيت ترجيع الطحاوي الرواية التي فيها التكبير من أول الأذان أربع مرات، على الرواية التي فيها التكبير مرتين، بما يقتضيه وجه النظر والقياس، وغيره رجح بأن هذه زيادة من الحفاظ الثقات (فيجب بها العمل) (¬2) وأما بيان وجه النظر فنقول: إن ألفاظ الأذان على أنواع:
الأول: يذكر في موضع واحد ويكرر فيه ثم لا يردد، نحو لفظه الصلاة والفلاح، فإن كلا منهما يذكر مرتين في موضع واحد، فهذا في نفسه متكرر ولكن موضعه متحد.
الثاني: ما يذكر في موضعين فيُكررّ في موضع ويردد في موضع، نحو لفظ الشهادة، فإن يُكرر في أول الأذان حيث يقال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله -مرتين- ويفرد في آخره حيث يقال: لا إله إلا الله -مرة واحد-.
الثالث: ما يذكر في موضعين أيضًا ولكن يُكرر فيهما جميعًا نحو لفظ التكبير، فإنه يذكر في أول الأذان مكررًا، وبعد قوله: حي على الفلاح مكررًا، وهذا القسم
¬__________
(¬1) في "الأصل، ك": بنينا، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(¬2) كذا في "الأصل، ك".

الصفحة 20