كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

هو المتنازع فيه ولكنهم أجمعوا على أنه بعد الفلاح مكرر يقال مرتين: الله أكبر الله أكبر، فبالنظر والقياس ينبغي أن يقال في أول الأذان: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر -أربع مرات- وذلك لأن ما كُرر منه في موضع نحو لفظ الشهادة؛ الذي يُكرر في أول الأذان يكون في الأخير على نصف ما هو عليه في الأول، حيث يقال: لا إله إلا الله مرةً واحدةً، فبالنظر على ذلك ينبغي أن يكون التكبير الذي في الأذان الذي اختلف فيه مثلي ما يثنى به في الأخير على نصف ما هو عليه في الأول كما في لفظ الشهادة، ولو لم يجعل لفظ التكبير في الأول أربع مرات لم يكن التكبير الذي في آخره على النصف منه، فحيمئذ يكون التكبير الذي يُبتدأ به الأذان على ضِعْف ما يُثنَّى به من التكبير في الأخير.
فإذا كان الذي يثنى في الأخير: الله أكبر الله أكبر مَرّتين كان الذي يبُدأ به ضِعفه الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر -أربع مرات- فهذا هو النظر الصحيح، فافهم فإنه دقيق.
ص: والموضع الذي اختلفوا فيه منه هو التَرْجيع، فذهب قوم إلى الترجيع.
ش: هذا هو الموضع الثاني من الموضعين اللذين ذكرهما فيما سلَف بقوله: "وخالفهم في ذلك آخرون في موضعين". وقد قلنا: إن الذين خالفوا أهل المقالة الأولى افترقوا فرقتين: فرقة ذهبت إلى الترجيع بظاهر الأحاديث المذكورة، وأشار إلى، ذلك بقوله: "فذهب قوم إلى الترجيع" وأراد بهم: الشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور وآخرون؛ فإنهم قالوا: لا بد من الترجيع وهو أن يرجّع فيرفع صوته بالشهادتين بعد أن خفض بهما.
ص: وتركه آخرون.
ش: أي وترك الترجيح جماعة آخرون وأراد بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدًا، وزفر، وأهل الكوفة؛ فإنهم قالوا: ليس في الأذان ترجيع.

الصفحة 21