كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

من إسناد الكوفيين ثم قال: إنما صح أَنَّ تثنية الإقامة قد نُسخت وإنما هي كانت أول الأمر، والأفضل ما صح من أمر رسول الله - عليه السلام - بلالًا بأن يوترها إلا الإقامة، والصحيح الآخِر أولى بالأخذ مما لا يبلغ درجته.
قلت: لو كان حديث بلال ناسخًا لهذا الحديث لما روي عن بلال بعده: "أنه كان يثني الأذان ويثني الإقامة". كما رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) والدارقطنى في "سننه" (1) على ما يجيء إن شاء الله تعالى، وكيف يُظن ببلال أنه يترك الناسخ ويأتي بالمنسوخ، ولئن سلمنا أن حديثه ناسخ لحديث ابن أبي ليلى ولكن لا نسلم أن حكمه باقٍ؛ لأنه منسوخ أيضًا بحديث أبي محذورة لما أن حديثه كان في أول الأمر، وحديث أبي محذورة كان عام حنين كما ذكرناه آنفًا.
قوله: "لولا أنهم نفسي" من الاتهام، وهو الريبة، والمعنى: لولا أني أشك في نفسي، وأصل هذا من الوهم وهو الغلط والسهو ومنه التُهَمَة، وأصلها وَهَمَة، فأبدلت الواو تاءً.
قوله: "يقظان" بفتح القاف وكسرها.
قوله: "غير نائم" حال أيضًا، تأكيد للحالة الأولى.
قوله: "لقد طاف بي" من طاف بالشيء إذا دار حوله. يقال: طُفْتُ أَطُوفُ طَوْفًا وطَوَافًا.
ص: ثم قد روي عن بلال - رضي الله عنه - أنه كان بعد النبي - عليه السلام - يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى، فدلّ ذلك أيضًا على انتفاء ما روى أنس - رضي الله عنه -.
حدثنا أحمد بن داود بن موسى، قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن بلال: "أنه كان يثني الأذان، ويُثني الإقامة".
¬__________
(¬1) سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.

الصفحة 39