كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

وأخرجه البيهقي في "سننه" (¬1): من حديث ابن المبارك، عن ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -في السبع المثاني- قال: هي فاتحة الكتاب، قرأها ابن عباس بسم الله الرحمن الرحيم، سبعًا، قلت لأبي: أخبرك سعيد عن ابن عباس أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم آية من كتاب الله؟ قال: نعم، ثم قال: قرأها ابن عباس في الركعتين جميعًا".
والجواب عنه أن في إسناده عبد العزيز بن جريج والد عبد الملك، وقد قال البخاري: حديثه لا يتابع عليه، ولئن سلمنا أن حديثه يتابع عليه سيعارضه ما يدل على خلافه، وهو حديث أبي هريرة قال: "كان رسول الله - عليه السلام - إذا نهض في الثانية استفتح بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت".
رواه الطحاوي كما يجيء، ومسلم (¬2) أيضًا؛ وهذا دليل صريح على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ إذ لو كانت منها لقرأها في الثانية مع الفاتحة.
وهذا كما رأيت قد أخرج الطحاوي لأهل هذه المقالة حديثين عن أبي هريرة وأم سلمة، وآثارًا عن عمر وابن عمر وابن عباس وابن الزبير - رضي الله عنه - وقد أخرج غيره أيضًا أحاديث مرفوعة عن أبي هريرة أيضًا وعلي وعمار والنعمان بن بشير والحكم بن عمير وأنس ومعاوية - رضي الله عنهم -.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه الخطيب (¬3): عن أبي أويس -واسمه عبد الله ابن أويس- قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: "أن النبي - عليه السلام - كان إذا أَمَّ الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم".
¬__________
(¬1) "سنن البيهقي الكبرى" (2/ 47 رقم 2228).
(¬2) "صحيح مسلم" (1/ 419 رقم 599).
(¬3) انظر "نصب الراية" (1/ 261)، ومنه ينقل المؤلف رحمه الله كثيرًا ولا يعزوه إليه.

الصفحة 554