كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

ورواه الدارقطني (¬1) أيضًا: عن عيسى بن عبد الله بن محمَّد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - عليه السلام - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعًا".
والجواب عن هذا: أن عيسى هذا والد أحمد بن عيسى المتهم بوضع حديث ابن عمر، قال ابن حبان والحاكم: روى عن آبائه أحاديث موضوعة، لا يحل الاحتجاج به.
فأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فأخرجه الدارقطني في سننه" (¬2): ثنا عمر بن الحسن بن علي الشيباني، ثنا جعفر بن محمَّد بن مروان، ثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى، ثنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر قال: "صليت خلف النبي - عليه السلام - وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم".
والجواب عنه: أنه باطل من هذا الوجه، لم يحدث به ابن أبي فديك قط، والمتهم به أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمَّد أبو طاهر القرشي، وقد كذبه الدارقطني أيضًا، وقال الخطيب: سألت الحسن بن محمَّد الخلال عنه فقال: ضعيف. وجعفر بن محمَّد بن مروان ليس مشهورًا بالعدالة وقد تكلم فيه الدارقطني أيضًا وقال: لا يحتج به.
وله طريق آخر عند الخطيب (¬3): عن عبادة بن زياد الأسدي، ثنا أبو يونس بن أبي يعفور العبدي، عن المعتمر بن سليمان، عن ابن أبي عُبيدة، عن مسلم بن حبان قال: "صليت خلف ابن عمر، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين، فقيل له، فقال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض، وخلف أبي بكر - رضي الله عنه - حتى قبض، وخلف عمر - رضي الله عنه - حتى قبض، فكانوا يجهرون بها في السورتين، فلا أدع الجهر بها حتى أموت".
¬__________
(¬1) "سنن الدارقطني" (1/ 302 رقم 2).
(¬2) "سنن الدارقطني" (1/ 305 رقم 12).
(¬3) انظر "نصب الراية" (1/ 263).

الصفحة 559