كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

قلت: هذا أيضًا باطل، وعبادة بن زياد -بفتح العين- قال أبو حاتم: كان من رؤساء الشيعة. وقال الحافظ محمَّد النيسابوري: هو مجمع على كذبه. وشيخه يونس بن يعفور فيه مقال، ضعفه النسائي وابن معين، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج عندي بما انفرد به. ومسلم ابن حبان غيره معروف.
وأما حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه -: فأخرجه الدارقطني (¬1) أيضًا: عن يعقوب ابن يوسف بن زياد الضبي، ثنا أحمد بن حماد الهمداني، عن فطر بن خليفة، عن أبي الضحى، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّني جبريل - عليه السلام - عند الكعبة، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم". والجواب عنه: أن هذا حديث منكر بل موضوع، ويعقوب بن يوسف الضبي ليس بمشهور، وأحمد بن حماد ضعفه الدارقطني، وسكوت الدارقطني والخطيب وغيرهما من الحفاظ عن مثل هذا الحديث بعد روايتهم له قبيح جدًّا.
وأما حديث الحكم بن عمير: فأخرجه الدارقطني (¬2) أيضًا: ثنا أبو القاسم الحسن بن محمَّد بن بشر الكوفي، ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار، نا إبراهيم ابن حبيب، ثنا موسى بن أبي حبيب الطائفي، عن الحكم بن عمير وكان بدريًّا قال: "صليت خلف النبي - عليه السلام - فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الليل وصلاة الغداة وصلاة الجمعة".
والجواب عن هذا: أن هذا من الأحاديث الغريبة المنكرة بل هو حديث باطل من وجوه، وهي: أن الحكم ليس بدريًّا ولا في البدريين أحد اسمه الحكم بن عمير، بل لا تعرف له صحبة، فإن موسى بن حبيب الراوي عنه لم يلق صحابيًّا، بل هو مجهول لا يحتج بحديثه، وقال ابن أبي حاتم في كتاب "الجرح والتعديل": الحكم بن عمير
¬__________
(¬1) "سنن الدارقطني" (1/ 309 رقم 27).
(¬2) "سنن الدارقطني" (1/ 310 رقم 31).

الصفحة 560