كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

والجواب عن هذا: أن هذا معارض بما رواه ابن خزيمة في "مختصره" (¬1)، والطبراني في "معجمه" (¬2): عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن، عن أنس - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة، وأبو بكر، وعمر". و"في الصلاة" زادها ابن خزيمة.
ورواه الحكم (¬3) أيضًا من طريق آخر: عن محمَّد بن أبي السري، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا مالك، عن حميد، عن أنس قال: "صليت خلف النبي - عليه السلام - وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - فكلهم كانوا يجهرون بسم الله الرحمن الرحيم" قال الحاكم: وإنما ذكرته شاهدًا.
قلت: قال الذهبي في "تنقيح المستدرك": أما استحى الحاكم يورد في كتابه مثل هذا الحديث الموضوع؟! فأنا أشهد بالله، والله إنه لكذب. وقال ابن عبد الهادي: سقط منه "لا".
وروى الخطيب (¬4) أيضًا: عن ابن أبي داود، عن ابن أخي ابن وهب، عن عمه العمري ومالك وابن عيينة، عن حميد، عن أنس: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة".
والجواب عنه: ما قاله ابن عبد الهادي سقط منه "لا" كما رواه الباغندي وغيره: عن ابن أخي ابن وهب، هذا هو الصحيح، وأما الجهر فلم يحدث به ابن وهب قط، ويوضحه أن مالكًا رواه في "الموطأ" (¬5): عن حميد، عن أنس قال: "قمت وراء أبي بكر الصديق وعمر وعثمان، فكلهم لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتحوا الصلاة". وقال ابن عبد البر في "التقصي": هكذا رواه جماعة موقوفًا، ورواه ابن
¬__________
(¬1) وهو في "صحيح ابن خزيمة" (1/ 250 رقم 498) من طريق عمران القصير، عن الحسن به.
(¬2) "المعجم الكبير" (1/ 255 رقم 739).
(¬3) "مستدرك الحاكم" (1/ 359 رقم 855).
(¬4) انظر "نصب الراية" (1/ 264).
(¬5) "موطأ مالك" (1/ 81 رقم 178).

الصفحة 562