كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

النافلة إن شاء فعل وإن شاء ترك. وهو قول الطبري، وقال الثوري وأبو حنيفة وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل: تقرأ مع أم القرآن في كل ركعة، إلا ابن أبي ليل قال: إن شاء جهر بها، وإن شاء أخفاها، وقال سائرهم: يخفيها. وقال الشافعي: هي آية من الفاتحة يخفيها إذا أخفى، ويجهر بها إذا جهر، واختلف قوله هل هي آية من كل سورة أم لا؟ على قولين: أحدهما: نعم. وهو قول ابن المبارك. والثاني: لا. وقال أيضًا: أجمعت الأمة أن الفاتحة سبع آيات وقال النبي - عليه السلام -: هي السبع المثاني (¬1)، ثم جاء في هذا الحديث وأشار به إلى حديث أبي هريرة: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ... " الحديث (¬2) أنه عدها سبع آيات ليس فيها "بسم الله الرحمن الرحيم"، وأن {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، وهو عدد أهل المدينة وأهل الشام وأهل البصرة وأكثر القراء، وأما أهل الكوفة من القراء فإنهم عدوا فيها بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعدوا {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وأبو عُبيد: هي آية من الفاتحة. وللشافعي قولان:
أحدهما: أنها آية من الفاتحة دون غيرها من السور.
والقول الآخر: هي آية من أول كل سورة.
وكذلك اختلف أصحابه على القولين جميعًا.
وأما أصحاب أبي حنيفة فزعموا أنهم لا يحفظون عنه هل هي آية من الفاتحة أم لا، ومذهبه يقتضي أنها ليست آية من فاتحة الكتاب؛ لأنه يسر بها في السر والجهر.
وقال داود: هي آية من القرآن في كل موضع وقعت فيه، وليست من السور،
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (4/ 1738 رقم 4427)، وأبو داود (1/ 461 رقم 1457)، والترمذي (5/ 297 رقم 3124)، والنسائي (2/ 139 رقم 914).
(¬2) أخرجه مسلم (1/ 296 رقم 395)، وأبو داود (1/ 276 رقم 821)، والترمذي (5/ 201 رقم 2953)، والنسائي (2/ 135 رقم 909)، وابن ماجه (2/ 135 رقم 909).

الصفحة 570