كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

وإنما هي آية مفردة غير ملحقة بالسور، وزعم الرازي: أن مذهب أبي حنيفة هكذا انتهى (¬1).
قلت: الصحيح من مذهب أصحابنا أنها من القرآن؛ لأن الأمة أجمعت أن ما كان مكتوبًا بين الدفتين بقلم الوحي فهو من القرآن، والتسمية كذلك، وكذلك روى المعلى عن محمَّد فقال: قلت لمحمد: التسمية آية من القرآن أم لا؟ فقال: ما بين الدفتين كله قرآن. وكذا روى الجصاص عن محمَّد أنه قال: التسمية آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور، وللبداية بها تبركًا, وليست بآية من كل واحدة منها، وينبني على هذا أن فرض القراءة في الصلاة يتأدى بها عند أبي حنيفة إذا قرأها على قصد القراءة دون الثناء عند بعض مشايخنا؛ لأنها آية من القرآن، وقال بعضهم: لا يتأدى؛ لأن في كونها آية تامة احتمال، فإنه روي عن الأوزاعي أنه قال: ما أنزل الله في القرآن "بسم الله الرحمن الرحيم" إلا في سورة النمل، وهي وحدها ليست بآية تامة وإنما الآية من قوله: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬2) فوقع الشك في كونها آية تامة، فلا يجوز بالشك، وكذا يحرم على الجنُب والحائض والنفساء قراءتها على قصد القرآن، أما على قياس قول الكرخي؛ لأن ما دون الآية يحرم عليهم، وكذا على رواية الطحاوي؛ لاحتمال أنها آية تامة فيحرم عليهم قراءتهاة احتياطيًا، وهذا القول هو قول المحققين من أصحاب أبي حنيفة، وهو قول ابن المبارك وداود وأتباعه، وهو المنصوص عن أحمد.
وقالت طائفة: إنها ليست من القرآن إلا في سورة النمل، وهو قول مالك وبعض الحنفية وبعض الحنابلة.
ص: واحتجوا على أهل المقالة الأولى في ذلك بما قد حدثنا الحسين بن نصر،
¬__________
(¬1) هذا آخر كلام ابن عبد البر في "التمهيد" (2/ 207).
(¬2) سورة النمل، آية: [30].

الصفحة 571