كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

السور فهو كإثباتها من القرآن، فسبيله النقل المتواتر ولا يجوز بأخبار الآحاد، ولا بالنظر والمقاييس كسائر السور، وكموضعها في سورة النمل، ألا ترى أنه قد كان يكون من النبي - عليه السلام - توقيف على مواضع الآي كما في رواية ابن عباس عن عثمان في هذا الحديث، ولم يوجد من النبي - عليه السلام - توقيف في سائر الآي على مبادئها ومقاطعها، فثبت أنه غير مفروض علينا مقادير، فإذْ قد ثبت أنها آية، فليست تخلو من أن تكون آية في كل موضع هي مكتوبة فيه من القرآن وإن لم تكن من أوائل السور، أو تكون آية منفردة كررت في هذه المواضع على حسب ما يكتب في أوائل الكتب على جهة التبرك باسم الله تعالى، فالأصلى أن تكون آية في كل موضع هي مكتوبة فيه لنقل الأمة أن جميع ما في المصحف من القرآن، ولم تخص شيئًا منه من غيره، وليس وجودها مكررة في هذه المواضع مخرجها من أن تكون من القرآن، لوجود كثير مثل ذلك مذكور على وجه التكرار، ولا يخرجه ذلك من أن يكون كل واحد آية منه، نحو قوله تعالى: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) من سورة البقرة، ومثله في سورة آل عمران (¬2) ونحو قوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (¬3) كل آية منها منفردة في موضعها من القرآن لا على معنى تكرار آية واحدة، وكذلك {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وقول النبي - عليه السلام -: إنها آية يقتضي أن تكون آية في كل موضع ذكرت فيه، والله أعلم.
قوله: "أن عمدتم" أي أن قصدتم و"أن" في محل الجر في تأويل المصدر، أي على عمدكم إلى الأنفال.
قوله: "وهي من السبع الطُوَال"وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة، و"الطُوَل" بضم الطاء وفتح الواو جمع "الطولى" تأنيث الأطول، مثل الكُبَر في الكبرى وهذا البناء يلزمه الألف واللام أو الإضافة.
¬__________
(¬1) سورة البقرة، آية: [255].
(¬2) سورة آل عمران، آية: [2].
(¬3) سورة الرحمن، آية: [12]، وتكررت فيها.

الصفحة 586