كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

قوله: "وهي من المئين" أي من السور التي تشتمل على أكثر من مائة آية، والمئون -بكسر الميم-: جمع مائة، وبعضهم يقول: مُؤون -بالضم- وأصل مائة مائي، والهاء عوض الياء.
قوله: "وكانت قصتها شبيهة بقصتها" أي قصة براءة كانت شبيهة بقصة الأنفال؛ لأن فيها ذكر العهود وفي براءة نبذها.
قوله: "فخفت أن تكون منها" أي أن تكون سورة براءة من الأنفال، فلأجل ذلك وضعها في السبع الطول، ولم يكتب بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ويقال: تركت البسملة بينهما؛ لأنها نزلت لرفع الأمان، و {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أمان، وقيل: لما اختلفت الصحابة في أنها سورة واحدة، وهي سابعة السبع الطول، أو سورتان فتركت بينهما فرجة ولم تكتب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وقيل: لم تكتب البسملة لأنها رحمة، والسورة في المنافقين.
ص: وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله - عليه السلام - وعن أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أنهم كانوا لا يجهرون بها في الصلاة.
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا إسماعيل بن علية، عن الجريري، عن قيس بن عباية، قال: حدثني ابن عبد الله بن مغفل، عن أبيه وقيل ما رأيت رجلًا أشد عليه حدثًا في الإسلام منه، فسمعني وأنا أقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فقال: أي بني، إياك والحدث في الإسلام؛ فإني قد صليت مع رسول الله - عليه السلام - وأبي بكر وعثمان - رضي الله عنهم - فلم أسمعها من أحد منهم ولكن إذا قرأت فقل: الحمد لله رب العالمين".
ش: أي قد جاءت الأحاديث والأخبار حال كونها متكاثرة مترادفة، عن رسول الله - عليه السلام - وعن أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين - رضي الله عنهم - أنهم كانوا لا يجهرون بالبسملة في الصلاة، فهذا أدل دليل على أن البسملة ليست من الفاتحة، وأنها لا يجهر بها، والحديث يدل على أن ترك الجهر عندهم كان ميراثًا عن نبيهم - عليه السلام - يتوارثونه خَلَفُهم عن سَلَفِهم، وهذا وجه كاف في المسألة، ولو كان - عليه السلام -

الصفحة 587