كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

جواب من قال: يكفيك تمرتان وبدأت بـ الحمدُ لله، وبدأت بـ {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} (¬1) ويقول أهل الحجاز في استعلام من يقول: رأيتَ زيدًا؟ من زيدًا.
قوله: "لم يشخص" من الإشخاص أي لم يرفع رأسه.
قوله: "ولم يصوبه" أي لم يخفضه، من صَوَّب، بالتشديد.
قوله: "عن عقبة الشيطان" وهو أن يضع إليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء.
وفيه حجة لأبي حنيفة ومالك أن البسملة ليست من الفاتحة، وحجة لأبي حنيفة أنها لا يُجهر بها؛ لأنه صرح أنه - عليه السلام -كان يفتتح الصلاة بالتكبير ثم بفاتحة الكتاب.
وقد ثبت (¬2) أنه - عليه السلام - كان له سكتتان: سكتة بعد التكبير وكان فيها البسملة ودعاء الاستفتاح.
وفيه إثبات التكبير في أول الصلاة، وقال النووي: وفيه تعيّن لفظ التكبير؛ لأنه ثبت أنه - عليه السلام - كان يفعله، وأنه - عليه السلام - قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وهذا الذي ذكرناه من تعيين التكبير هو قول مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف.
قلت: اشتراط التعيين أمر زائد؛ لأن المراد من التكبير التعظيم وبكل لفظ حصل التعظيم يجوز الافتتاح به، ثم إن تكبيرة الافتتاح من أركان الصلاة عندهم، وقال أبو حنيفة وأصحابه من شروطها، وثمرة الخلاف تظهر في جواز بناء النفل على تحريمة الفرض، فعندنا يجوز خلافًا لهم، وكذا على الخلاف لو بني التطوع بلا تحريمة يصير شارعًا في الثاني، وكذا على الخلاف إذا كبَّر مقارنًا لزوال الشمس.
¬__________
(¬1) سورة النور، آية: [1].
(¬2) أخرجه أبو داود (1/ 266 رقم 777)، والترمذي (2/ 30 رقم 251)، وابن ماجه (1/ 275 رقم 844)، وأحمد (5/ 15 رقم 20178).

الصفحة 599