كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

وقال ابن المنذر: تنعقد الصلاة بمجرد النيّة بلا تكبير، قال أبو بكر: ولم يقل به غيره، وقال ابن البطال: وذهب جمهور العلماء إلى وجوب تكبيرة الإحرام، وذهبت طائفة إلى أنها سنة، روي ذلك عن سعيد بن المسيب والحسن والحكم والزهري والأوزاعي، وقالوا: إن تكبيرة الركوع تجزئ عن تكبيرة الإحرام، وروي عن مالك في المأموم ما يدل على أنه سنة، ولم يختلف قوله في المنفرد والإمام أنها واجبة على كل واحد منها، وأن من نسيها يستأنف الصلاة، وفي "المغني" لابن قدامة: التكبير ركن لا تنعقد الصلاة إلا به، سواء تركه عمدًا أو سهوًا، قال: وهذا قول ربيعة والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبي ثور، وحكى أبو الحسن الحنفي الكرخي عن ابن عُلية والأصم كقول الزهري في انعقاد الصلاة بمجرد النيّة بدون التكبير، وقال عبد العزيز بن إبراهيم بن بزيزة: قالت طائفة بوجوب تكبير الصلاة كله، وعكس آخرون فقالوا: كل تكبيرة في الصلاة ليست بواجبة مطلقًا، منهم ابن شهاب وابن المسيب وغيرهما، ثم تكبيرة الإحرام مرة واحدة عند جمهور العلماء، وعند الرافضة ثلاث مرات، وقد ورد ذلك في بعض الأحاديث من حديث أبي إمامة "كان - عليه السلام - إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاث تكبيرات".
رواه أبو نعيم الدكيني، عن شريك، عن يعلى بن عطاء، عن رجل، عنه.
وفي "العلل" لابن أبي حاتم قال أبي: هذا حديث كذب لا أصل له.
وفيه دليل على أن السلام سُنَّة، وقال الخطابي: وفي قولها: "كان يفتتح الصلاة بالتكبير، ويختتمها بالتسليم". دليل على أنهما ركنان من أركان الصلاة، ولا تجزئ إلا بهما.
قلت: لا نسلم ذلك؛ لأن ما من شيء يدل على الفرضية، وفرضية التكبير في أول الصلاة ليس بهذا الحديث بل بقوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}، ولئن سلمنا ذلك فلا يلزم من كون التكبير فرضًا أن يكون التسليم فرضًا مثله.

الصفحة 600