كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

فإن قيل: فقد روى الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس الاستفتاح بأم القرآن، وهذا يدل على إرادة السورة.
قلنا: هذا مروي بالمعنى، والصحيح عن الأوزاعي ما رواه مسلم (¬1): عن الوليد بن مسلم، عنه، عن قتادة، عن أنس قال: "صليت خلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول قراءة ولا في آخرها".
ثم أخرجه مسلم (1): عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك.
هكذا رواه مسلم في "صحيحه" عاطفًا له على حديث قتادة، وهذا اللفظ المخرج في الصحيح هو الثابت عن الأوزاعي، واللفظ الآخر -إن كان محفوظًا- فهو مروي بالمعنى، فيجب حمله على الافتتاح بأم القرآن.
ورواه الطبراني في "معجمه" (¬2) بهذا الإسناد: "أن النبي - عليه السلام - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يجهرون بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".
ص: وقد روي ذلك أيضًا عن علي بن أبي طالب وغيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا أبو بكر ابن عياش، عن أيضًا سعد، عن أبي وائل قال: "كان عمر وعلي - رضي الله عنهما - لا يجهران بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ولا بالتعوذ ولا بآمين".
ش: أي قد روي ترك الجهر بالبسملة أيضًا عن علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - وأخرج خبر علي، عن سليمان بن شعيب بن سليمان الكيساني، عن علي بن معبد بن شداد العبدي، عن أبي بكر بن عياش بن سالم الأسدي
¬__________
(¬1) تقدم.
(¬2) انظر "نصب الراية" (1/ 331).

الصفحة 604