كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

قال: "جهر الإِمام بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في الصلاة بدعة" (¬1).
وروى جرير، عن عاصم الأحول، قال: "ذكر لعكرمة الجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في الصلاة، فقال: إذن أعرابي".
وروى أبو يوسف (¬2): عن أبي حنيفة قال: بلغني عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "الجهر في الصلاة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أعرابية".
وروى حماد بن زيد، عن كثير قال: "سئل الحسن عن الجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في الصلاة، فقال: إنما يفعل ذلك الأعراب".
ذكر ذلك كله أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (¬3).
فإن قيل: كيف تقول فيما روى عبد الرزاق (¬4): عن معمر، عن أيوب، عن عمرو بن دينار: "أن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يفتتح بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".
قلت: هذا لا يدل على أنه كان يجهر بها، أو كان ذلك خارج الصلاة، ولا نزاع فيه.
وهذا هو الجواب أيضًا عما قاله البيهقي في كتاب "المعرفة" (¬5): بعد أن روى عن عاصم بن بهدلة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "أنه كان يفتتح القراءة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ". وفيه دلالة على خطأ وقع في رواية عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "في قراءة الجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قراءة الأعراب".
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 360 رقم 4138).
(¬2) "الآثار" لأبي يوسف (1/ 112 رقم 105)، ووصله محمَّد بن الحسن في "الآثار" (1/ 109 رقم 81).
(¬3) "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 16، 17).
(¬4) "مصنف عبد الرزاق" (2/ 90 رقم 610).
(¬5) "معرفة السنن والآثار" (1/ 521 رقم 720).

الصفحة 607