كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

الثانى: عن إبراهيم بن أبي داود البرُلُسي، عن عمرو بن عَوْن، عن هُشيم بن بشير، عن عبد الله بن عون، عن محمَّد بن سيرين، عن أنس نحوه.
وأخرج البيهقي في "سننه" (¬1) بإسناده إلى أبي أسامة: ثنا ابن عون، عن محمَّد ابن سيرين، عن أنس قال: "من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
قال الذهبي في مختصر السنن: إسناده صحيح.
قوله: "مكان التثويب" الأصل في التثويب أن يجيء الرجل مُسْتَصْرِخًا فَيُلوِّح بثوبه لِيُرى ويشتهر، فسمِّي الدعاء تثويبًا لذلك، وكل داع مُثوِّبٌ، وقيل: إنما سمّي تثويبًا من ثاب يثوب إذا رجع، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة، فإن المؤذن إذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم إليها، فإذا قال بعد: الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلامٍ معناه المبادرة إليها (¬2)، ومن ذلك تسمّى الثَّيِّب؛ مُصِيبَهَا عائد إليها.
وهذا أنس - رضي الله عنه - قد فَسَّر التثويب بقوله: "الصلاة خير من النوم".
وقال الترمذي: واختلف أهل العلم في تفسير التثويب فقال بعضهم: أن يقول في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم، وهو قول ابن المبارك وأحمد، وقال إسحاق في التثويب غير هذا، قال: التثويب شيء أحدثه الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - , إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح. قال: وهذا الذي قال إسحاق هو التثويب الذي كرهه أهل العلم، والذي أحدثوه بعد النبي - عليه السلام -، والذي فسّر ابن المبارك وأحمد أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر الصلاة خير من النوم هو قول صحيح، وهو الذي اختاره أهل العلم.
¬__________
(¬1) "السنن الكبرى" (1/ 423 رقم 1835).
(¬2) انظر "النهاية في غريب الحديث" (1/ 226).

الصفحة 61