كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

ابن المبارك وداود، وهو المنصوص عن أحمد، وبه قالت جماعة من الحنفية، وذكر أبو بكر الرازي أنه مقتضى مذهب أبي حنيفة.
قلت: ولذلك قال الشيخ حافظ الدين النسفي: وهي آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور، وهذا القول فيه الجمع بين الأدلة، وعن ابن عباس: "كان النبي - عليه السلام - لا يعرف فصل السورة حتى نزل عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وفي رواية "لا يعرف انقضاء السورة".
رواه أبو داود، (¬1) والحاكم (¬2) وقال: إنه على شرط الشيخين وأما تلاوة النبي - عليه السلام - حين أنزلت عليه {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}.
فهو ما رواه مسلم، (¬3) وأبو داود، (¬4) والنسائي (¬5): عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "أنزلت عليَّ آنفًا سورة، فقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتى ختمها، قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة".
فإن قيل: لو لم تكن التسمية من أول كل سورة لما قرأها النبي - عليه السلام - بالكوثر.
قلت: لا نسلم أنه يدل على أنها من أول كل سورة، بل يدل على أنها آية مفردة، والدليل على ذلك ما ورد في حديث بدء الوحي: "فجاءه الملك فقال له: اقرأ فقال: ما أنا بقاريء -ثلاث مرات- ثم قال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} " فلو كانت البسملة من أول كل سورة، لقال: اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ بسم ربك.
¬__________
(¬1) "سنن أبي داود" (1/ 269 رقم 788).
(¬2) "مستدرك الحاكم" (1/ 355 رقم 845).
(¬3) "صحيح مسلم" (1/ 300 رقم 400).
(¬4) "سنن أبي داود" (2/ 650 رقم 14747).
(¬5) "المجتبى" (2/ 133 رقم 904).

الصفحة 613