كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

رواية أخرى له (¬1): ثنا يزيد بن هارون، أنا شعبة، سمعت سوادة القشيري، يحدث عن سمرة بن جندب، عن النبي - عليه السلام - قال: "لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير وأومأ بيده (هكذا) (¬2) وأشار يزيد بيده اليمنى".
قوله: "ولا يغرنكم نداء بلال" أي أذانه.
قوله: "ولا هذا البياض" أي ولا يغرنكم أيضًا هذا البياض، وأراد به: الفجر الكاذب؛ لأنه يبدوا أولًا كذنب السرحان ثم تعقبه الظلمة وهذا لا يخرج به الليل، ولا تحل به الصلاة، فيجوز للصائم حينئذ الأكل والشرب والجماع، وإذا صلى العشاء تكون أداءً.
قوله: "حتى يبدوا الفجر" أي: يظهر الفجر وأراد به الفجر الصادق وهو الذي يَبدوا في الأفق وينتشر ضياؤه في العالم، فهذا يدخل به وقت الصبح، ويخرج به حكم الليل.
قوله: "أو ينفجر" شكٌ من الراوي أي أو ينشق.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الفجر يؤذن لها قبل دخول وقتها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف:
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي والشافعي ومالكًا وأحمد وإسحاق وداود وابن جرير الطبريَّ وعبد الله بن المبارك؛ فإنهم قالوا: يجوز أن يُؤَذن للفجر قبل دخول وقتها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار المذكورة، وممن ذهب إلى قولهم هذا: أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة - رضي الله عنه -.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا ينبغي أن يُؤذن للفجر أيضًا إلا بعد دخول وقتها كما لا يُؤَذنُ لسائر الصلوات إلا بعد دخول وقتها.
¬__________
(¬1) لم أجده في كتب الطبراني، ولكنها بالإسناد عند أحمد في "مسنده" (5/ 18 رقم 20216).
(¬2) تكررت في "الأصل".

الصفحة 74