كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

ش: أي احتج الآخرون فيما ذهبوا إليه، وقالوا: الأصل في الأذان أن يكون بعد دخول الوقت لأنه للإعلام به، وقبل دخوله تجهيل وليس بإعلام، فلا يجوز كما في غير الفجر من الصلوات، وأما أذان بلال الذي كان يؤذن بالليل قبل دخول الوقت فلم يكن ذلك لأجل الصلاة، بل إنما كان ذلك لينتبه النائم وليتسحر الصائم وليرجع الغائب، والدليل حديث ابن مسعود، فلم يصح استدلالًا لهم به.
وأخرجه عن أربع طرق صحاح:
الأول: عن علي بن معبد بن نوح وأبي بشر عبد الملك بن مروان الرَّقي، كلاهما عن شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، عن سليمان بن بلال القرشي التَيمي، عن أبي عثمان النَهْدي واسمه عبد الرحمن بن ملّ -بفتح الميم وكسرها- الكوفي، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
وأخرجه أحمد في "مسنده" (¬1): ثنا إسماعيل، عن سليمان، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود قال: قال رسُول الله: "لا يمنعن أحدَكم أذانُ بلال -أو قال: نداء بلال- من سحوره فإنه يؤذن -أو قال: ينادي- ليرجع غائبكم ولينتبه نائمكم ثم ليس أن يقول هكذا أو قال هكذا حتى يقول هكذا".
الثاني: عن محمد بن عمرو بن يونس بن عمران المعروف بالسوسيّ، عن أسباط بن محمَّد بن عبد الرحمن الكوفي، عن سليمان التَيْمي، عن أبي عثمان، عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه النسائي (¬2): أنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، عن النبي - عليه السلام - قال: "إن بلالًا يؤذن بليل، ليوقظ نائمكم وليرجع قائمكم، وليس أن يقول هكذا -يعني في الصبح".
¬__________
(¬1) "مسند أحمد" (1/ 435 رقم 4147).
(¬2) "المجتبى" (2/ 11 رقم 641).

الصفحة 76