كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

وإن كان شاكًّا في طلوعه، وهو قول الكوفيين والأوزاعي وابن حنبل وأبي ثور والشافعي.
وقال مالك: لا يأكل، وإن أكل فعليه القضاء.
وجملة أصحابنا على الاستحباب، واختلفوا في ذلك إلى طلوع الشمس، وإن كان أجمع أئمة الفتوى بعدهم على أنه لا يجوز الأكل بعد طلوع الفجر، واختلفوا بعد ذلك فيمن طلع عليه الفجر وهو على يقين أنه من الليل وهو يأكل أو يَطأْ فكفّ عنها، هل يُجزئه؟ فقال ابن القاسم: يجزئه في الأكل والجماع.
وقال عبد الملك: يجزئه في الأكل ولا يجزئه في الجماع ويقضي فيه، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة.
الرابع: أن بعضهم استدل بقوله: "ولينبّه نائمكم" على منع الوتر بعد الفجر ولا حجة له فيه، قاله عياض.
ص: وقد روي عن عبد الله بن عمر في ذلك أيضًا ما قد حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا موسى بن إسماعيل المِنْقَري قال: ثنا حماد بن سلمة (ح).
وما قد حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: "أن بلالًا أذّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي - عليه السلام - أن يَرْجعَ فينادي: ألا إن العبد نام، فرجع فنادى: ألا إن العبد نام".
فهذا ابن عمر - رضي الله عنهما - يروي عن النبي - عليه السلام - ما ذكرناه وهو قد روى عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "إن بلالًا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم".
فثبت بذلك أن ما كان من ندائه قبيل طلوع الفجر -مما كان له مباحًا- هو لغير الصلاة، وأن ما أنكره عليه إذْ فعله قبل الفجر للصلاة.
ش: أي قد روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كما ذكرنا: أن أذان بلال لم يكن لأجل الصلاة.

الصفحة 80