كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

قلت: هو ثقة ثَبْت، كذا قال أحمد وابن مَعين، وأخرج له الجماعة، ومن كان بهذه المثابة لا يُنكر عليه إذا ذكر ما لم يذكره غيره، وإشكال ينتهي بتأويله، يَدلّ ظاهرًا على جَوْدة سنده.
وروى الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سكت المؤذن بالأول من صلاة الفجر قام وركع ركعتين".
قال الأثرم: ورواه الناس، عن الزهري فلم يذكروا فيه ما ما ذكره الأوزاعي. وأجبت عن ذلك: بأن الأوزاعي من أئمة المسلمين فلا يُعلّل ما ذكره بعدم ذكر غيره.
ص: وقد يحتمل أن يكون بلال كان يؤذن في وقت يرى أن الفجر طلع فيه، ولا يتحقق ذلك لضعف نظره، والدليل على ذلك ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن إشكاب (ح).
وثنا فهد، قال: ثنا شهاب بن عباد العبدي، قالا: ثنا محمد بن بشْر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغرنكم أذان بلال؛ فإن في بصره شيئًا" فدلّ ذلك على أن بلال كان يريد الفجر فيُخطئه لضَعْف بصره، فأمرهم رسُول الله - عليه السلام - أن لا يعملوا على أذانه؛ إذْ كان من عادته الخطأ، لضَعَف بصره.
ش: هذا وجه آخر في أذان بلال بالليل قبل طلوع الفجر، وهو الذي احتجت به أهل المقالة الأولى في جواز أذان الفجر قبل طلوع الفجر، وهذا ظاهر.
وأخرجه من طريقين:
الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرُلّسي، عن أحمد بن إشكاب -بكسر الهمزة وسكون الشين المعجمة وفي آخره باء موحدة شيخ البخاري- عن محمَّد بن بشر الأسلمي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه -.

الصفحة 85