كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)

قلت: قال العجلي: حاتم بن عديّ تابعي حمصيّ شامي ثقة.
وأبو ذر الغفاريّ اسمه جندب بن جُنادة.
وأخرجه أحمد في "مسنده" (¬1) بأتم منه: نا موسى بن داود، نا ابنُ لهيعة، عن سالم ابن غيلان، عن سليمان بن أبي عثمان، عن حاتم بن عدي الحمصي، عن أبي ذر، أن النبي - عليه السلام - قال لبلال: "أنت يا بلال تؤذن إذا كان الصبح ساطعًا في السماء، فليس ذلك بالصبح؛ إنما الصبح هكذا معترضًا، ثم دعى بسحَوْره فتسحر، وكان يقول: لا تزال أمتي بخير ما أخّروا السحور وعَجّلوا الفطر".
قوله: "إذا كان الفجر ساطعًا" أي ظاهرًا كذنب السرحان، وأراد به الفجر الكاذب الذي لا يخرج به حكم الليل ولا تحلّ به صلاة الصبح.
قوله: "الصبح" منصوب لأنه خبر "ليس"، وفي رواية: "بالصبح" كما في رواية أحمد.
قوله: "معترضًا" حال من قوله: "إنما الصبح" والمعنى: إنما الصبح يحصل حال كونه معترضًا في الأفق، والأولى أن يكون خبر "كان" المحذوف، تقديره: "إنما الصبح يكون معترضًا في الأفق" وأرا به: الصبح الصادق، وهو المنتشر في الآفاق.
ص: وقد روينا عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بلالًا يُنادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم. قالت: ولم يكن بينهما إلا مقدار ما يَصْعد هذا وينزلُ هذا" فلما كان بين أذانَيْهما من القرب ما ذكرنا؛ ثبتَ أنهما كانا يقصدان وقتًّا واحدًا، وهو طلوع الفجر، فيخطئه بلال لما ببصره، ويُصيبُه ابن أم مكتوم، لأنه لم يكن يفعله حتى تقول له الجماعة: أصبحتَ، أصبحت.
ش: ذكر هذا تأييدًا أيضًا لما قاله من أنَّ بلالًا إنما كان يريد الفجر من أذانه، ولكنه كان يخطئه؛ لما في بصره من الضعف، وذلك لأن قول عائشة - رضي الله عنها -: "ولم يكن
¬__________
(¬1) "مسند أحمد" (5/ 172 رقم 21546).

الصفحة 87