كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)
فجعل ينظر في ناحية المشرق إلى الفجر، فيقول: لا. حتى إذا طلع الفجر نزل، فبرز، ثم انصرف إليَّ وقد تلاحق أصحابُه -يعني فتوضأ- فأراد بلالٌ أن يقيم، فقال له نبي الله: إن أخا صُداء هو أذّن، ومن أذّن فهو يُقيم قال: فأقمت".
وأخرجه الترمذي (¬1) نا هنّاد، قال: نا عبدة ويعلى بن عُبَيد، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم الأفريقي، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصُدائي قال: "أمر رسول الله - عليه السلام - أن أؤذن في صلاة الفجر، فأذنتُ فأراد بلال أن يقيم فقال رسُول الله: إن أَخَاصُداء قد أذّن، ومَنْ أذّن فهو يُقيم".
والآخر: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النَبِيل الضحاك بن مخلد، عن سفيان الثوري إلى آخره.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (¬2): ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبريّ، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الرحمن بن زياد، عن زياد بن نُعيم، عن زياد بن الحارث الصدائي قال: "كنت مع رسُول الله - عليه السلام -، فأمرني فأذنت للفجر، فجاء بلال ليقيم فقال النبي - عليه السلام -: يا بلال إن أخا صداء أذّن، ومن أذن فهو يقيم".
قوله:"إن أخا صداء" أراد به زياد بن الحارث. قوله: "أول أذان الصبح" في رواية أبي داود أراد به الأذان الذي يؤذن ليقوم النائم، ويتسحر الصائم. قوله: "فبرز" أي: خرج لقضاء حاجته والوضوء؛ من برز الرجل يَبْرُز بروزًا ولهذا فسّر بقوله: "يعني فتوضأ" ومنه البراز وهو كناية عن قضاء الحاجة وأصله الفضاء المتسع ثم استعير للحدث.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا الحديث فقالوا: لا ينبغي أن يقيم الصلاة غير الذي أذّن لها.
¬__________
(¬1) "جامع الترمذي" (1/ 384 رقم 199).
(¬2) "المعجم الكبير" (5/ 263 رقم 5286).