كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)

خلافاً للشافعي في وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية. قال: وعلى هذا يجوز إخراج القيم في الزكاة، وقد أدخل البخاري هذا في باب أخذ العرض في الزكاة، فيدل أنه ذهب إلى هذا التأويل، وهذا ما تقدم الوعد بإتيان الكلام فيه.
قال ابن دقيق العيد: وهذا لا يزيل الإشكال؛ لأن ما حبس على جهة معينة، تعين صرفه إليها، واستحقه أهل تلك الصفة مضافاً إلى جهة الحبس، فإن كان قد طلب من خالد زكاة ما حبسه، فكيف يمكن ذلك مع تعين ما حبسه بصرفه؟ وإن كان طلب منه زكاة المال الذي لم يحبسه من العين والحرث والماشية، فكيف يحاسب بما وجب عليه في ذلك، وقد تعين صرف ذلك المحبس إلى جهته.
واستضعف الاستدلال بذلك على صرف الزكاة إلى صنف واحد من الثمانية، وعلى جواز أخذ القيم في الزكاة، وهو ظاهر.
ثم قال: وأنا أقول: يحتمل أن يكون تحبيس خالد لأدراعه وأعتده في سبيل الله إرصاده إياها لذلك وعدم تصرفه بها في غير ذلك، وهذا النوع حبس، وإن لم يكن تحبيساً، فلا يبعد أن يراد مثل ذلك بهذا اللفظ، ويكون قوله: "إنكم تظلمون خالداً" مصروفاً إلى قولهم: "منع خالد"؛ أي: تظلمونه في نسبته إلى منع الواجب، مع كونه صرف ماله إلى سبيل الله، ويكون المعنى: أنه لم يقصد منع الواجب، ويحمل "منع" على غير ذلك (¬1).
قلت: لا حاجة في الاعتذار عن خالد بذلك، وإنكار نسبة المنع إليه إلى أن يحمل حبسه للأدراع والأعتد على الإرصاد لجهة السبيل إلا على
¬__________
(¬1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 192 - 194).

الصفحة 427