كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)

حقيقة التحبيس، بل لو حمل التحبيس نفسه على ما هو المتبادر إلى الفهم منه، لتأثَّى ما قاله من الاعتذار على الوجه الذي قرره.
وأما من قال: إن الصدقة هذه كانتْ تطوعاً، فقد ارتفع عنه هذا الإشكال، ويكون -عليه السلام- قد اكتفى بما حبسه خالدٌ عن أخذ شيء من صدقة التطوع، ويكون مَنْ طلب منه مع ذلك شيئاً آخر، وعابه بالمنع، ظالماً له في مجرى العادة.
(وأما العباسُ بنُ عبدِ المطلب عمُّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فهي عليه صدقة (¬1)، ومثلُها معها): قال أبو عبيد (¬2): نراه -والله أعلم-: أنه كان أَخر (¬3) عنه الصدقةَ عامين من حاجة بالعباس إليها، فإنه يجوز للإمام أن يؤخرها على وجه النظر، ثم يأخذها منه؛ كما أخر (¬4) عمرُ بنُ الخطاب الصدقةَ عامَ الرمادة، ثم أخذ منهم (¬5) في العام المقبل صدقةَ عامين (¬6).
قلت: وفي بعض طرق "الصحيحين": "فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُها" (¬7)، فيحتمل أن تكون هذه اللفظة صفةً، لا إنشاءً (¬8)؛ لالتزام ما لزم العباس،
¬__________
(¬1) في "ن": "صدقة عليه".
(¬2) في "ج": "أبو عبيدة".
(¬3) في "ج": "أخذ".
(¬4) في "ج": "أخذ".
(¬5) في "ج": "منه".
(¬6) في "ج": "العام المقبل صدقتين".
(¬7) رواه مسلم (983) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬8) في "ع": "صيغة لإنشاء".

الصفحة 428