كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)

قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ! لَا أَرْزَأُ أَحَداً بَعدَكَ شَيْئاً حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رَضيَ اللهُ عَنْهُ- يَدعُو حَكِيماً إِلَى الْعَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ -رَضيَ اللهُ عَنْهُ- دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئاً. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشهِدكم يَا مَعشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هذَا الْفَيْءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلم يَرْزَأْ حَكِيم أَحَداً مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفيَ.
(إن هذا المال (¬1) خَضرَةٌ حُلْوةٌ): سبق الكلام فيه.
لكن قال الزركشي هنا: تأنيثُ الخبر تنبيهٌ على أن المبتدأ مؤنث، والتقدير: أن صورة هذا المال، أو يكون التأنيث للمعنى؛ لأنه اسم جامع لأشياء كثيرة، والمراد بالخضرة: الروضة الخضراء، أو (¬2) الشجرة الناعمة، والحلوة: المستحلاة الطعم (¬3).
قلت: إذا كان قوله: "خضرة" صفةً لروضة، أو (¬4) المراد بها نفس الروضة الخضراء، لم يكن ثَمَّ إشكال ألبتة، وذلك أن توافق المبتدأ والخبر في التأنيث إنما يجب إذا كان الخبر صفة مشتقة غير سببية (¬5)؛ نحو: هند حسنة، أو في حكمها (¬6)؛ كالمنسوب، أما في الجوامد؛ فيجوز؛ فحو:
¬__________
(¬1) "المال" ليست في "ن".
(¬2) في "ج": "و".
(¬3) انظر: "التنقيح" (1/ 358).
(¬4) في "ج": "و".
(¬5) في "ن": "سببه".
(¬6) في "ن": "حكمتها".

الصفحة 432