كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)
هذه الدار مكان طيب، وزيدٌ نسمةٌ عجيبة.
(فمن أخذه بسخاوة نفس): أي: بطيب نفسٍ من غير حرصٍ عليه.
قال الداودي: يَحتمل سخاوةَ نفس المعطي، ويَحتمل الآخذ، وكذا قوله: "بإشراف نفس".
(ومن أخذه بإشراف نفس): أي: متلبساً (¬1) بطلب النفس، وحرصِها عليه، وتطلّعِها إليه.
والحكمة في كون إشرافِ النفس مانعاً من الأخذ؛ الخوفُ على الآخذ حينئذٍ من خُلقه وطبعه أن يأخذ ولا يصرف في الوجه، ويستكثر، أما الذي يأخذه على غير ذا الوجه، فالظنُّ به سهولةُ الصرف عليه، وسخاوةُ النفس بإنفاقه في وجهه.
(لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً): أرزأ: -بفتح الهمزة وتقديم الراء الساكنة على الزاي مفتوحة ثم همزة- مضارعُ رَزَأْتُ؛ أي: نَقَصْتُ؛ أي: لا أنقصُ أحداً بعدَك شيئاً من المال، والمعنى: أنه لا يأخذ من أحد بعدَه شيئاً.
(ثم إن عمر دعاه ليعطيه (¬2)، فأبى أن يقبل منه شيئاً): ومع ذلك، فلم يجبره (¬3) عمر على القبول، فتوهم بعضُ الناس أن هذا يدل على خلاف مذهب مالك، وذلك أن مالكاً -رحمه الله- يقول: من كان له على رجل دَيْن (¬4)؛ من بيع، أو سلف، ونحوه، فدعاه (¬5) المِدْيانُ للقبض، فأبى،
¬__________
(¬1) في "ج": "مكتسباً".
(¬2) في "ج": "ليطيعه".
(¬3) في "ج": "يجبر".
(¬4) في "ج": "على دين رجل".
(¬5) في "ج": "فدعى".
الصفحة 433
475