كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)
فالحاكمُ يُجبره على القبض؛ تخليصاً لذمة المديان، وحملاً للمنَّةِ عنه، وهذا عنده بخلاف ما وجب لعارِيَّةٍ غابَ (¬1) عنها، فادعى المستعيرُ ضياعَها، ودُعي لقبض القيمة، فأبى المعيرُ، قال مالك: لا يُجبر.
و (¬2) قال ابن المنير: والفرقُ عنده: أن دينَ المعاملة قد دخل (¬3) كلاهما (¬4) بمقتضى العقد (¬5) على الوفاء والاستيفاء؛ بخلاف قيمة العاريَّة، فإنه لم يدخل معه على الاستهلاك، وإنما جاء عارضاً، وعلى هذا التعليل لو استهلك له الغاصب سلعة رأيَ العين، لم يلزمه قبولُ العوض؛ لأنه المورِّطُ لنفسه، ومنهم من علل مسألة العارية: بأن المستعير ضمن ضمان تهمة، ولهذا له (¬6) أن يقول: ما أتهمك (¬7)، فلا يتناول هذا مسألة الغصب. إذا تقرر هذا، فالعطاء ليس ديناً (¬8) لحكيمٍ (¬9) على عمرَ، ويكفيك تسميتُه عطاء، فلا يلزم من عدم إجباره على قبوله أن لا يجبر في الديون، وهو واضح.
(فقال عمر (¬10): إني أشهدكم -يا معشر المسلمين- على حكيمٍ أني
¬__________
(¬1) في "ن": "يغاب".
(¬2) "و" ليست في "ن" و"ج".
(¬3) في "ج": "حل".
(¬4) في "ج": "كل منهما".
(¬5) في "ج": "العقل".
(¬6) له "ليست في "ن" و"ج".
(¬7) في "ج": "ما اتهمتك".
(¬8) في "م" "ع": "دين".
(¬9) في "ج": "لحكم".
(¬10) "عمر" ليس في "ع".
الصفحة 434
475